بعد مضي أكثر من (20) عاماً تزامنت مع هجرتها إلى أستراليا، تكسر السيدة اللبنانية "فيرا ملكونيان" صمتها مُتحدثةَ عن معضلتها العصيبة بعد حادثة إنجاب طفلها البكر ومحاولاتها المُستميتة التي باءت جُلّها بالفشل، ما اضطرها إلى الرضوخ لجراحة "ربط المعدة"، الأمر الذي أفقدها تفاعل جسمها بالإيجاب واضطرارها لتغيير أنماط حياتها بكثرة حركتها وتأثير عاداتها الغذائية التي لم توفر على نفسها فيها أيّة حمية غذائية إلا واتبعتها على أمل خسارة أوزانٍ غير محببة، بيد أنّها تُعاود اكتساب أوزان مُضاعفة جرّاء حِميات مُتوالية (التّقطع!) وسط آمال خاسرة لمضاعفاتها العارضة في كثرة الغثيان وتكرار التقيؤ وفقدان الطاقة.. إلى أنْ انتصرت – على حدّ قولها - على سمنتها التي سرقت من عمرها الكثير بالإرادة الصلبة والنفس الطويل بعد مصالحة الذات والاستقواء على نظرات المجتمع، وأفصحت لغريماتها قِبَالِها: "ثَابِرْنَ على تَغْيْيرِ فَشَلكُنَ بعد أنْ تُحبِبْنَ ذَاتَكُنَ"!
السّمنة وفرط الوزن – التي يُشار لها بامتلاك الشخص وزنا أعلى من الحدّ الصحي وفق مؤشر كتلة الجسم بحاصل قسمة ذلك الوزن على مربع الطول بالمتر – تعدّ مصدر قلق بالغ انتشر في متنوع التجمعات البشرية على الصعيد العالمي؛ لأسباب جمالية ظاهرة ومشاكل صحية غائرة في اعتلالاتها على سرطان الثدي وبطانة الرحم والمبيض والقولون والمستقيم والمريء والكلى والبنكرياس والبروستات وداء السكري وضغط الدم وسكتة الدماغ وفشل القلب وضيق التنفس وآلام الظهر وهشاشة العظام وانسداد الرئة وتصلّب الشرايين واعتلال الكلية والشبكية وخطر الإعاقة، وحتى الوفاة نتيجة اختلال التوازن ما بين السعرات الحرارية المُتناولة ومثلها المُستهلكة في أجواء حياتية خاملة (تَسْتَعْدي) الرياضة.

نافلة: 
تكاد عبارة (أنتِ متينة ولازم تِضْعَفي) بمقاطعها الثقيلة على الفتيات قاتلة، بل أضحت من مُحرّمات قاموسهنَ، الذي بدا بأكثر ما يَقهرُهنَ فرط وزنهن ومُعاناتهنَ في سمنة أجسامهنَ، والذي حَرَمَهنَ لبس ذلك الفستان الذي أعجبهنَ ولم يستطعنَ لبسه بعد طول تَجوال أمام محلات ألبسة ترددت على أسماعهنَ كلمات (مقاسكنَ ليس موجودا!)، بل ووصل ذلك مبلغه لأماكن اللعب التي لا يُسمح لهنَ فيها بركوب لعبة أَرَدْنَهَا، إلى أنْ بَلَغْنَ الأجل وامتلكنَ كافي الإرادة واستعدنَ واثق النفس ورفعنَ شعار "أشعرُ بالجوع" الذي أوقفَ الشراهة وكَبَحَ الجماح ليَحِيْنَ مَحينَ تلك الحفلة اللائي ارتدينَ فيها ما اشتهت أنفُسهنَ بعد أنْ أوقعنَ قبلها الهزيمة (المُنكرة) على فائض السّمنة وزائد الوزن.

كاتب وأكاديمي بحريني