على هامش المجزرة الدائرة للفلسطينيين في غزة، هنالك حرب أخرى تدور رحاها في الواقع الافتراضي، لكن الدماء الوفيرة تعمي العيون الباكية عن رؤيتها رغم خطورة تلك الحرب على إسرائيل. مقاتلو تلك الحرب هم قراصنة من كل أنحاء العالم، متعاطفون مع الفلسطينيين، متمكنون من أدواتهم الرقمية، التي أصابت في مقتل ـ عن بُعد ـ كل مؤسسات الكيان العبري.
يضرب هؤلاء عمق حواسيب وخوادم تل أبيب بصواريخ برمجية عابرة للقارات، تنطلق بعضها من مناطق طيبة لا يتصور المرء أن يخرج منها قراصنة بعيون ـ لا عين واحدة ـ تنطق بالانتقام، آخرها السودان الطيبة مثلا، تخيل؟
الهجوم الكاسح المكثف يعتمد على الدخول بكثافة وفي وقت واحد إلى خوادم مؤسسات مالية إسرائيلية، أو إصابتها ببرمجيات خبيثة، ما يخرجها عن الخدمة فورا.
ونجح البعض في حذف إسرائيل من خارطة العالم على تطبيقات الملاحة والتجول غير الأميركية مثل بايدو الصيني المعروف، كما اختفى اسم إسرائيل من موقع علي بابا الشهير.
لا يقتصر الأمر فقط على إلحاق خسائر بإسرائيل، بل تعدى ذلك إلى محاولات نجح كثير منها في تمويل الفلسطينيين بما يحتاجون إليه للبقاء.
واستخدم الفلسطينيون العملات الرقمية لجمع ملايين الدولارات ما دفع وزارة الخزانة الأميركية للعمل على محاولة منع وسائل التمويل عبر العملة الرقمية وأساليب الدفع الإلكترونية مثل “بي بيل” و”رفولو” و”زيل” و”كريبتو”، فضلا عن “بتكوين” و”بينانس” و”كاردانو”، و”لايتكوين” و”ريبل”.
وأعلنت إحدى شركات التحليل والبرمجيات الإسرائيلية قبل أسابيع أن عناوين رقمية مرتبطة بإحدى الفصائل الفلسطينية تلقت نحو 154 مليون دولار خلال الأشهر العشرة الماضية، مؤكدة أن بعضها لا يزال نشطًا.
هنا لا متحدث رسميا باسم المقاومة الافتراضية، لا أبوعبيدة يحصي بإصبعه خسائر العدو المهولة في الفضاء الإلكتروني، والتي فاقمت خسائر إسرائيل المالية كما لم تخسر من قبل أبدا، لكن انجلاء غبار المعارك الواقعية لاحقاً سيكشف عن أرقام مهولة للخسائر الاقتصادية الإسرائيلية.