العدد 5442
الجمعة 08 سبتمبر 2023
banner
عُنف الأزواج إلى أين؟
الجمعة 08 سبتمبر 2023

في الآونة الأخيرة زادت بشكل كبير ممارسة العنف بين الأزواج التي هزت مجتمعاتنا حتى أصبحت ظاهرة تستحق الدراسة والوقوف عندها، مع العلم أن الظاهرة ليست حكرا على بلد عربي معين، فالمتابع والمطلع على الأخبار الاجتماعية، وأخبار المحاكم في بلادنا الخليجية والعربية على وجه الخصوص يجد الكم الهائل من الأخبار المؤلمة والمؤسفة التي يشيب لها الولدان، أكدت أننا في حاجة ضرورية لوقف هذا العبث بالمجتمع والأسرة والأطفال الذين يعيشون حالات العنف في بيوتهم بسبب الأم والأب الذين لم يراعوا أدب الحياة الزوجية ولا مصير أبنائهم!


وفي اعتقادي الشخصي ومما أطلع عليه من قضايا أسرية عبر مهنة المحاماة أن غياب اهتمام الكبار في المجتمع قد أدى لهذا السلوك المشين المتمثل في ضرب الزوج لزوجته أو العكس، بل هناك الكثير من قضايا الأزواج سببها (الكبار) من الجانبين، قديما كانت الأسر الكبيرة من أهل الزوج أو الزوجة تلعب الدور الكبير في المساندة النفسية والاجتماعية للأسرة الصغيرة وللمتزوجين حديثا، وكانت الأسر الممتدة تعيش في استقرار وأمان نفسي واجتماعي، ولا تعتري الأسر الصغيرة أي معوقات، ويشعر المتزوجان بالأمان العاطفي والارتياح مع بقية أفراد الأسرة الكبيرة، وتقوى علاقتهما بالمؤسسة الزوجية ضمن الأسرة الكبيرة، وقلما تحدث أي خلافات تذكر.


في الوقت الراهن ومع المتغيرات الكثيرة في حياتنا تبدل الحال إلى أن وصلنا مرحلة الكُل منا مشغول بنفسه صغارا وكبارا، فغابت القدوة الحسنة التي كانت هي صمام الأمان في مجتمعاتنا، وبالتالي تأثرت حياة الأزواج حديثي التجربة، فأصبحت الأسرة الصغيرة كالسفينة الصغيرة في وسط البحر تتقاذفها الأمواج العالية المتلاطمة من مكان لآخر وتهددها بالغرق، أسر صغيرة تعيش في إشكالات تكبر يوما بعد آخر، وغدت المؤسسة الزوجية الجديدة في حاجة للدعم النفسي والمعنوي والتشجيع على تجاوز كافة الإشكالات التي تحدث لهم، كما هي طبيعة الحياة التي لا تخلو من الخلافات، لكن للأسف أحيانا تحدث الخلافات بين الزوجين بسبب تدخلات طرف ثالث ربما يكون والدي الزوج، أو والدي الزوجة الأمر الذي يفاقم المشاكل بين الزوجين؛ لقلة خبرة آباء وأمهات هذا الجيل في حل مشاكل أبنائهم الزوجية.


نعم في البحرين لدينا العديد من الجهات تعمل في مجال (التوفيق الأسري) وتقدم خدماتها لهذه الفئة من المتزوجين، لكن أعتقد أن هذه القضية أصبحت تكبر وتحتاج إلى وقفة جماعية تضامنية حتى لا تتفاقم هذه المشكلة المدمرة للمجتمع، ومن هناد أدعو كل الجهات ذات الصلة الرسمية والأهلية والجمعيات المتخصصة في الشأن الأسري والمجتمعي في البحرين ودول الخليج بمشاركة أعضاء المؤسسات التشريعية بأن يتنادوا لعقد مؤتمر كبير، تكون توصياته مُلزمة للجميع، فإن حادثة القتل التي حدثت مؤخرا مؤشر في غاية الأهمية لحاجتنا لوضع الأمور في نصابها الصحيح.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية