العدد 5366
السبت 24 يونيو 2023
banner
عيب... موشغلك
السبت 24 يونيو 2023

الفضول والتطفل والحشرية والتدخل في خصوصيات وشؤون الناس سمة غير حميدة، وتسبب الإحراج الشديد للكثير من البشر سواء كانت بقصد أو من غير قصد، قد يكون لدى البعض من الأفراد في المجتمع أحياناً نوايا حسنة في تقديم المساعدة اللوجستية إلى الآخرين دون معرفة الأسباب الجوهرية أو الظروف المعيشية حتى إلى الأشخاص المقربين، وذلك قد يساهم في حدوث شرخ أو توتر في العلاقات الأخوية بين الأصدقاء والزملاء أو حتى أفراد العائلة، مما يؤدي ذلك إلى عزلة اجتماعية للطرف الآخر بسبب “لقافة” البعض، وعلى سبيل الأمثلة التي يعاني منها مئات الآلاف من الناس التدخل في خصوصياتهم، مثلاً شخص أعزب غير متزوج يتم إحراجه بترشيح “بنت الحلال” لأجل الدفع والتوفيق الأسري بين طرفين لإتمام الزواج، دون طلب أو وجود نية من الأعزب للزواج، وقد تكون هناك ثمة أسباب خفية تمنع الفرد من عدم القدرة على الزواج، وقد تكون سيدة مطلقة لأية أسباب كانت يتم ترشيح “ولد الحلال” لها لأجل الزواج مرة أخرى بأساليب تسبب لها الحرج أو “النرفزة”، وكأن المطلقة ناقصة عقل أو دين، وحتى المتزوجون لا يسلمون من فضول الناس “الحشرية”.
أحد الأصدقاء متزوج منذ 15 سنة ولم ينجب طفلاً وله الأسباب الخاصة، أصبح “بيتوتي” واتخذ العزلة الاجتماعية والعزوف عن مشاركة المجتمع في الأفراح والأتراح، لأنه يعاني من “لقافة” بعض الناس في التحقيق والاستجواب، لماذا لم ينجب طفلاً حتى الآن؟ هل فيه مرض أو علة؟ وهل السبب منه أو من زوجته؟ وإلخ... من أسئلة تجعله لا ينام الليلة براحة بسبب الأسئلة الفضولية، وآخر لديه عيب خلقي أو مرض وراثي مزمن يحرج ويسأل لماذا لا يمارس الرياضة ليصبح رشيقاً وووو الأسئلة الفضولية كثيرة ولا تنتهي.
الأمثلة التي يعاني منها بعض الناس كثيرة، وليس من حق المتطفلين معرفة أسرار الآخرين سواء بنية المساعدة أو تقديم النصح والمشورة والانشغال بهموم الناس في وضع معيشي بات صعباً لدى غالبية الناس.
من وجهة نظري المتواضعة،ما نحتاج إليه اليوم تقديم الإرشاد في فن المعاملات، عبر الترويج إلى فن التعامل مع الناس من خلال تصحيح وتهذيب سلوك البعض، وهي مسؤولية تقع على الخطباء والوعاظ والعاملين في الحقل التربوي من معلمين والأساتذة في المدارس والجامعات لتعليم “البعض” فن المعاملة و”الأتيكيت”.
تقول الكاتبة الأميركية ميلودي بيتي في كتابها عن تطوير الذات وتعلُّم بعض المهارات الشخصية (لا مزيد من الانغماس في هموم الآخرين): “كيف تكفّ عن الانشغال بتوجيه الآخرين وتبدأ بنفسك؟”، عبارة تستحق التأمل والتفكير بعمق دون فلسفة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية