العدد 5234
الأحد 12 فبراير 2023
banner
لا ترهقوا المعلم
الأحد 12 فبراير 2023

إنّ المهمة المناطة بالمعلمين دقيقة ومعقدة، ذلك أنها تتعلق ببناء العقول وإعداد الأجيال، فالمعلمون يثيرون الدهشة بقدرتهم على البذل في ظل أشد الظروف وأصعبها.. إنّهم في حالة قلق على الدوام حتى تثمر جهودهم وتكلل مساعيهم بالنجاح، وقد تأكد لي بعد عطاء ناهز العقود الثلاثة في ميدان التربية والتعليم أنّ إرهاق المعلمين بأعباء تفوق طاقاتهم وقدراتهم سيسبب إرباكا في سير العملية التعليمية يدفع ثمنه غالبا أبناؤنا الطلاب.
من هنا فإننا نناشد القائمين على شؤون التربية والتعليم إعادة النظر في النصاب المقرر على المعلمين وتخفيضه كما كان في الأعوام السابقة. وتأتي مناشدتنا بعد أن ارتفعت أصوات المنتسبين لحقل التربية والتعليم بأنهم لم يعودوا قادرين على التدريس بالصورة الفعالة نتيجة إرهاقهم بما يفوق قدراتهم، ليس نصاب الحصص وحده ما يشكل العبء عليهم، لكن هناك واجبات أخرى إضافية، وهذا بالطبع لا يترك لهم الفرصة للإبداع في التعليم. لا أتذكر أنّ أحدا ممن ينتمي للتعليم قد أخل يوما بما أنيطت إليه من مهمات، ولم يتسرب لأحدهم السأم مهما كانت التحديات التي تواجههم، فطوال الأعوام الفائتة وسيرة المعلمين تدعو للفخر والإعجاب، وتفانيهم في العملية التعليمية ليس موضع شك من قبل أحد.
أعتقد أنّ العاملين في سلك التربية والتعليم إزاء مثل هذه الظروف غير الطبيعية يجدون أنفسهم ممزقين بين خيارين، ما يفرضه عليهم الواجب وهذا قد يضطرهم إلى تأدية العمل بطريقة آلية، وجميعنا يدرك أنّ نتائج ذلك لا تحقق الأهداف المرجوة، أو العمل بما تفرضه المهمة من إتقان ويبدو هذا أشبه بالمستحيل.
ولعل المتابع لقضايا التربية والتعليم يقف على حقيقة لم تعد غائبة وهي أنّ أعدادا من معلمي المرحلتين الإعدادية والثانوية تقدموا بطلبات النقل للابتدائية والدافع وراء هذه الرغبات الفارق في الوقت والتساوي في الامتيازات، ولا ندري كيف فات المسؤولين في التعليم مثل هذا الأمر وجعل معلمي المرحلتين يشعرون بالغبن الشديد. 
إنّ الخشية – إذا لم تتدارك الوزارة مثل هذه القضايا بالغة الأهمية – أن تصبح مهنة التربية والتعليم مهنة غير جاذبة، وهذا يترك آثاره السلبية على الجميع بلا استثناء.

*كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية