+A
A-

مكافحة التضخم تتطلب معالجات استراتيجية وعاجلة

أكد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬جعفر‭ ‬الصايغ‭ ‬والباحث‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عارف‭ ‬خليفة‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تدخل‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬معالجات‭ ‬استراتيجية‭ ‬وعاجلة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التضخم‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬تداعياته‭ ‬على‭ ‬المواطنين،‭ ‬وتوسيع‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الفئات‭ ‬المرتفعة‭ ‬ومتدنية‭ ‬الدخل‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬قال‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬جعفر‭ ‬الصايغ‭ ‬إن‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬لمعيشة‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التضخم‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬واستحداث‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬500‭ ‬دينار‭ ‬للعائلة‭ ‬البحرينية،‭ ‬لتوفير‭ ‬الحاجات‭ ‬الضرورية‭ ‬والأساسية‭ ‬دون‭ ‬احتساب‭ ‬القروض‭ ‬والالتزامات‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بشكلها‭ ‬الراهن‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭.‬

توسيع‭ ‬الفجوة

وقال‭ ‬إن‭ ‬التضخم‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الأغنياء‭ ‬والطبقة‭ ‬المتدنية‭ ‬الدخل،‭ ‬ودفع‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬معالجات‭ ‬مختلفة‭ ‬منها‭ ‬إتاحة‭ ‬إمكانية‭ ‬تأجيل‭ ‬سداد‭ ‬القروض‭ ‬لفترات‭ ‬متعددة،‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬التضخم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬معيشة‭ ‬المواطنين،‭ ‬ورفع‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة‭.‬

ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التضخم‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬المملكة‭ ‬هو‭ ‬تضخم‭ ‬مستورد،‭ ‬حيث‭ ‬يتطلب‭ ‬معالجة‭ ‬الوضع‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجيات‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى،‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الخارج،‭ ‬وتوفير‭ ‬مخازن‭ ‬استراتيجية‭ ‬للمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬تكفي‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تشجيع‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬والخليجي‭.‬

وأكد‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬جعفر‭ ‬الصايغ‭ ‬أهمية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تثقيف‭ ‬المجتمع‭ ‬وتوعيته‭ ‬بضرورة‭ ‬تغيير‭ ‬النمط‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬للمواطنين،‭ ‬حيث‭ ‬يغلب‭ ‬على‭ ‬النمط‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬لدى‭ ‬المواطنين‭ ‬النمط‭ ‬غير‭ ‬المنتج،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جعل‭ ‬السلعة‭ ‬غير‭ ‬الضرورية‭ ‬سلعة‭ ‬مهمة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تكثيف‭ ‬جهود‭ ‬التوعية‭ ‬بتشجيع‭ ‬ثقافة‭ ‬الادخار‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭.‬

التضخم‭ ‬الحقيقي

من‭ ‬جانبه،‭ ‬قال‭ ‬الباحث‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عارف‭ ‬خليفة‭ ‬إن‭ ‬الفرد‭ ‬البحريني‭ ‬يحتاج‭ ‬يومياً‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬15‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬دولار‭ ‬يومياً‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجاته‭ ‬المعيشية‭ ‬الضرورية‭ ‬والأساسية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمعيشية‭ ‬الراهنة،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬170‭ ‬دينار‭ ‬شهرياً،‭ ‬دون‭ ‬احتساب‭ ‬الالتزامات‭ ‬والقروض‭.‬

ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السنتين‭ ‬الماضيتين‭ ‬شهدت‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬السلع‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬الرئيسية‭ ‬بلغت‭ ‬25‭%‬،‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الأجور‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬6‭%‬،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬الدخل‭ ‬الحقيقي‭ ‬للمستهلك‭ ‬بواقع‭ ‬19‭%.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬تعالج‭ ‬هذا‭ ‬التضخم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬السقوف‭ ‬السعرية،‭ ‬وذلك‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تثبيت‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬كما‭ ‬عملت‭ ‬عليه‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬بحث‭ ‬إمكانية‭ ‬تطبيق‭ ‬الإعفاءات‭ ‬الجمركية‭ ‬أو‭ ‬الدعم‭ ‬المؤقت‭ ‬لأسعار‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬بعد‭ ‬الدراسة‭ ‬الوافية‭ ‬لأسباب‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعارها‭.‬

الإعفاء‭ ‬المؤقت

وقال‭ ‬إن‭ ‬التضخم‭ ‬المتوقع‭ ‬استمراره‭ ‬خلال‭ ‬السنتين‭ ‬المقبلتين،‭ ‬يمكن‭ ‬للدولة‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وقف‭ ‬تحصيل‭ ‬بعض‭ ‬الرسوم‭ ‬والضرائب‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإعفاء‭ ‬المؤقت‭ ‬للرسوم‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬التجار‭ ‬بما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬الأسعار‭ ‬وتثبيتها،‭ ‬وتحديد‭ ‬هامش‭ ‬ربح‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬10‭% ‬على‭ ‬هذه‭ ‬السلع‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬ترك‭ ‬الموضوع‭ ‬بيد‭ ‬التجار‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تآكل‭ ‬موارد‭ ‬المستهلكين،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬مستويات‭ ‬التضخم‭ ‬تتجاوز‭ ‬دخل‭ ‬المستهلكين‭ ‬بأضعاف‭ ‬عدة‭.‬

وأكد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الاتجاه‭ ‬لترشيد‭ ‬الإنفاق‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬والسلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬بنسبة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬30‭%‬،‭ ‬حيث‭ ‬تستحوذ‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬على‭ ‬النسبة‭ ‬الأوفر‭ ‬من‭ ‬الوفورات‭ ‬المالية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستلزم‭ ‬مساهمة‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الميزانية‭ ‬وتوجيه‭ ‬التخفيض‭ ‬لذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬والفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬استحقاقاً‭ ‬للدعم‭.‬

قروض‭ ‬الإسكان

وقال‭ ‬إن‭ ‬بإمكان‭ ‬الدولة‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الوفورات‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬قروض‭ ‬الإسكان‭ ‬لذوي‭ ‬الدخول‭ ‬المتدنية‭ ‬كالمتقاعدين‭ ‬وغيرها،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬ممكن‭ ‬وفقاً‭ ‬للمعطيات‭ ‬المتوفرة‭ ‬حول‭ ‬حجم‭ ‬هذه‭ ‬القروض،‭ ‬وهو‭ ‬حل‭ ‬عملي‭ ‬ومؤثر‭ ‬لرفع‭ ‬السيولة‭ ‬لدى‭ ‬ذوي‭ ‬الدخول‭ ‬المتدنية‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬أحوج‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إلى‭ ‬دعمهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التضخم‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬الاقتراض‭ ‬يشمل‭ ‬شريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬80‭%‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬توجيه‭ ‬المصروفات‭ ‬وتمديد‭ ‬زمن‭ ‬القروض‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتعدى‭ ‬نسبة‭ ‬القرض‭ ‬40‭% ‬من‭ ‬الدخل،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬سيؤثر‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأولوية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوجه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬نحو‭ ‬الحاجات‭ ‬الضرورية‭.‬

ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الأميركية‭ ‬عمدت‭ ‬إلى‭ ‬تسريح‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬لديها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬وارد‭ ‬حصوله‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬توجه‭ ‬الشركات‭ ‬لخفض‭ ‬المصاريف‭ ‬بفعل‭  ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وثبات‭ ‬أجور‭ ‬القطاع‭ ‬العام،‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬أخذ‭ ‬الاجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬العاجلة‭ ‬لمنع‭ ‬انتقال‭ ‬هذه‭ ‬العدوى‭ ‬لنا‭.‬