العدد 4987
الجمعة 10 يونيو 2022
banner
لكل أديب وكاتب جحيمه الخاص
الجمعة 10 يونيو 2022

لكل أديب وكاتب جحيمه الخاص أو المرض الذي لا يرجى شفاؤه، ومهما يكن حكمنا عليه إلا أنه في نهاية المطاف يصور هذا الكاتب أو ذاك طموحات زمانه وروح عصره، وكثير منهم يجعل من الشكل الفني ملاذا للروح المغتربة، وأحد أهم هؤلاء “وليم فوكنر” الذي أسقط أسطورة الوعي المستقل ودخل محاكمات تعكس المواقف السياسية المعلنة أو المستحية، فقد وصف “ايكن” أسلوب فوكنر بأنه غابة مملوءة بالمتسلقات والأزهار البرية المتوحشة التي تبدو لعين المرء متداخلة بجلال لا نهائي.
أما برنادر دي فوتو فقد قال.. إذا ظهرت في الجملة الروائية ثلاثة أقواس أو أكثر للإشارة إلى الضمائر، فما ذلك إلا دليل على أن الكتابة رديئة، ولا يمكن أن تبرر بأي مبدأ نفسي أو جمالي مهما كان نوعها، وأسمى آخرون أسلوب فوكنر بفاحش ومتمرد وذي مستوى أقل من المرتبة الأولى، بينما علق جوزيف بيتش.. وهناك نكون نصف الوقت نسبح تحت الماء، ممسكين بأنفاسنا، ضاغطين على عيوننا من أجل قراءة معنى الظواهر الغائصة، حيث لا نكون قادرين على التمييز بين الحقيقة والخيال. وقال ألفريد كازن عن كتابة فوكنر بأنها أكثر الكتابات الأميركية حكمة وتقطعا وتفككا وبعدا عن النحو وامتلاء بالأجواء العاصية ومتعددة النغمات وبليغة المعاني.
قرأت معظم روايات وليم فوكنر، “الصخب والعنف”، “الملاذ”، “اللامقهورون” وغيرها، ولا أنكر أن فيها نوعا من الحوار العلوي بين ذاتيات تبحث عن المجهول، أو مناجاة بين ذاتيات يصدر عنها الكلام ويعود إليها، فيها تحديات، وأحقاد وصمت وحروب، ومع كل ذلك وجدت فيها مفهوما عجيبا عن الواقعية التي تلح على الناس إلحاحا شديدا منذ زمن طويل، وروعة في القواعد الكتابية والوصف الجديد المنبثق عن الصراع في معناه الكوني وأثره المتميز.
باختصار.. كتابات وليم فوكنر اتسمت بميزات خاصة عن مختلف نواحي الحياة والمجتمع، وربما هي تلك جريمته الخاصة حسب ما يراه الآخرون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية