+A
A-

“العدل” تختلف مع “المرأة” بمعاقبة بعض الحاضنات

أوصت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب بالموافقة على مشروع قانون بإضافة مادة جديدة برقم (318 مكرراً) إلى قانون العقوبات.
ويهدف مشروع القانون إلى سد الفراغ التشريعي في قانون العقوبات الذي يخلو من معاقبة من امتنع من دون عذر عن تمكين مستحق زيارة المحضون من زيارته.
ويقوم مشروع القانون على أساس مواجهة جنائية لظاهرة تعنت الحاضن وامتناعه عن تمكين صاحب الحق في الزيارة من مباشرة حقه الطبيعي والشرعي في زيارة المحضون ورؤيته، وسد الفراغ التشريعي بتجريم كل سلوك ينطوي على الامتناع عمداً عن تنفيذ حكم زيارة الصغير، وتحقيق التوازن بين حق الحضانة وحق الزيارة، ومعاقبة من امتنع من دون عذر عن تمكين مستحق زيارة المحضون من زيارته.
من جهتها، اتفقت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف مع أهداف ومبررات مشروع القانون بصيغته المقدمة من الحكومة، ورأت أن المشروع يحقق الغاية والأهداف التي بني عليها من خلال تعزيز الحماية القانونية للطفل، ورعايته، وحمايته من سوء المعاملة، وأن يكون لمصالح الطفل الفضلى الأولوية.
ورأت ضرورة التصدي لتعنت الحاضن، وامتناعه عن تمكين صاحب الحق في الزيارة من مباشرة حقه الطبيعي والشرعي في زيارة المحضون، ورؤيته وإشباع حاجاته النفسية والعاطفية والاجتماعية؛ الأمر الذي من شأنه أن يترتب عليه أضرار مباشرة بالطفل والأسرة.
وبينت أن مشروع القانون يسد الفراغ التشريعي بما يكفل تنفيذ الأحكام الشرعية الصادرة في هذا الخصوص، عبر إفراد نص تجريمي يعاقب كل من امتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بتنفيذ حكم الزيارة والحضانة كما يحقق التوازن بين الحق في الحضانة والحق في الزيارة؛ تحقيقاً للمصلحة الفضلى للمحضون في الحفظ والرعاية، وضرورة مجابهة حالات الامتناع بلا مبرر مقبول وعدم التقيد بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة.
فيما رأى المجلس الأعلى للمرأة إن إقحام المنازعات الأسرية في نطاق الجرائم وقانون العقوبات، يهدد استقرار الأسرة ويؤثر سلباً على الوضع النفسي للطفل عندما يرى أنه سبب معاقبة أحد والديه.
وأشار إلى إشكال تحديد الركنين المادي والمعنوي لجريمة الامتناع عن تنفيذ الزيارة، فقد اكتفت المادة بمعاقبة (من امتنع دون عذر عن تمكين مستحق زيارة المحضون من زيارته)، دون تحديد المقصود (بعدم تمكين مستحق الزيارة من زيارة المحضون)، فلو أصرت الحاضنة على تنفيذ الزيارة عبر منصة إلكترونية أو أي وسيلة تواصل اجتماعي، هل سيعد ذلك امتناعاً؟ كما سيكون من الصعب إثبات الركن المعنوي للجريمة، المتمثل في توفر العمد باتجاه إرادة الجاني إلى الامتناع عن فعل التمكين، ولم تحدد المادة الأعذار غير المقبولة التي قد تساعد في إثبات الركن المعنوي للجريمة.
ورأى المجلس أن الاقتراح سيفتح الباب لتعديلات أخرى كثيرة ممكنة في قانون العقوبات تتناول العديد من السلوكيات في الأسرة، كمعاقبة الزوج المتأخر عن تنفيذ النفقة الزوجية أو نفقة الأبناء.
وذكر “سبق لقانون أحكام الأسرة رقم (19) لسنة 2009 أن نص في الفقرة (ج) من المادة (143) على أنه: “إذا امتنع الحاضن عن تنفيذ الحكم بالزيارة بدون عذر وبعد إنذاره من القاضي، يكون للمحكوم له بدلاً من طلب الحضانة أن يطلب من قاضي التنفيذ حبس الحاضن”، فهذا النص يتيح للقاضي -حال امتناع الحاضن عن تنفيذ الحكم بالزيارة دون عذر- نقل الحضانة إلى من يليه، كما يمنح قاضي التنفيذ سلطة حبس الحاضن، دون أن يجعل من الحبس عقوبة بالمعنى الوارد في قانون العقوبات، إنما كمجرد وسيلة إكراه بدني للضغط على الحاضن للامتثال للحكم، وعليه، فالقاضي يتمتع بسلطة كافية لإجبار الحاضن على تمكين مستحق الزيارة من زيارة المحضون.
وبين أن القاضي فقد في النص الحالي أداتي ضغط مهمتين، وهما سلب الحضانة من الممتنع عن تنفيذ الزيارة، وإمكان حبس الممتنع من قبل قاضي التنفيذ، مفيدا بأن مقترح الوساطة في المنازعات الأسرية المقدم من وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف سيساهم في التخفيف من حالات امتناع الحاضن عن تمكين مستحق الزيارة من زيارة المحضون، ومنح مزيد من الصلاحيات لقضاة المحكمة الشرعية لتسوية الخلاف بين الحاضن ومستحق الزيارة، ما يغني عن اللجوء لقانون العقوبات.
في حين اتفقت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان مع الغايات والمقاصد التي يرمي إليها مشروع القانون، والمتمثلة في معاقبة كل من امتنع دون عذر عن تمكين مستحق زيارة المحضون من زيارته، لا يتعارض مبدأ مشروع القانون مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، تحقيق للموازنة المنشودة بين الحق في الحضانة والحق في الزيارة دون الاعتداء على أي منهما؛ تحقيقاً للمصلحة الفضلى للمحضون في الحفظ والرعاية.