تحظى المرأة – الأمّ والاخت والزوجة والابنة - في أيّ من المجتمعات البشرية بأدوار لا تقلّ أهمية عن الأدوار المُناطة بغريمها الرجل حين تتحمّل فيها أثقال الحياة وضغوطاتها بما تُشكلّه كجزء أصيلٍ وفعّالٍ وفاعلٍ في محيطها المجتمعي الذي يزداد حساسية وقتَ ضياع المجتمعات الإنسانية وانحلالها وهدمها إذا ما حُيّدت أدوارها وعُطلّت إمكانياتها وأُهملت إسهاماتها، فهي تبقى "نصف" المجتمع الذي تضطرب مسيرة الغريم ومتعلقاته بدونها، بل وقد تتولى زمام الأمر لرعايته في كثير من الأحيان بتنظيم أُطُر حياته وحمل لواء المسؤولية وزرع المبادئ وترسيخ القيم بعد أنْ عُدّت "السكن" له ولأولاده، حيث تلعب فيه القائد المدبر القادر على اتخاذ القرارات على تنّوع مستوياتها الاجتماعية والسياسية والثقافية والمهنية وما شابه حتى بلغت مبلغها – وهي متزوجة ولديها أطفال - في تقلّد المناصب العليا عوضاً عن أدوارها الأخرى ككاتبة وشاعرة وفنانة وداعية وغيرها.
بحرينياً، تُشكلّ المرأة جزءاً مهماً في هذا المجتمع الصغير، فهي الجزء الذي يمتلك عوامل التأثير ويتبوأ فرص القيادة في جلّ المجالات التي "تساوت" مع غريمها الرجل بما برهنته من قدرة على الاستمرار في وظائف متعددة خارج حدود الأسرة (بعد أنْ كانت مُغيّبة إبّان العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين في المنزل الذي تقوم على تدبير شؤونه ومزاولة حرفها اليدوية تحت وطأة ثقافات وأعراف سائدة وعادات وتقاليد محافظة حتّمت بقاءها، وصمّدت فيه طيلة غياب الزوج أثناء الغوص فيما الخروج إلا للضرورة لمساعدة زوجها على جني الثمار أو جمع الحطب أو الخروج لغسل الملابس والأواني أو جلب الماء من العيون المنتشرة في البحرين آنذاك) التي احتلّت فيها الصدارة منذ عقود، ونجحت في تقلّد المناصب المسؤولة المهمة كوزيرة وقاضية وبرلمانية ودبلوماسية ومُحاضرة في أجواء من الشراكة الكاملة لتلبية الاحتياجات والتّطلعات التي تجلّت بالتكليف السامي من لدن عاهل البلاد المفدى لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة بمهمة مراجعة وضع المرأة البحرينية وإدارة السياسات الوطنية التي تُعنى بالنهوض بها عبر حُزمة من القوانين والتشريعات كقانون الحماية من العنف الأسري وتعديل قانون العمل في القطاع الخاص الذي يعْتَبِرُ لاحتياجات المرأة العاملة، علاوة على ثُلّة من المبادرات والبرامج التمكينية كالاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية والنموذج الوطني لإدماج احتياجات المرأة في جميع القطاعات وحمايتها من العنف الأسري.
نافلة:
تحلّ علينا ذكرى "يوم المرأة البحرينية" هذا العام في يوم الأربعاء الحادي من ديسمبر، وقد أثبتت هذه المرأة المكافحة تميزّها في شتى الميادين وعززّت من مكتسباتها في مختلف المجالات، وزادت من حجم عطائها بتسريع وتيرة انخراطها في الشأن العام بفاعلية حتى امتدّت إسهاماتها في السلك الدبلوماسي والقضائي والهندسي والإعلامي والعسكري والمالي والمصرفي والقانوني والعدلي والهندسي والنيابي والبلدي وغيره.
باقةٌ معطرةٌ بموفورِ التقدير وكبيرِ العرفان لكلّ امرأة بحرينية في هذا الوطن الغالي.