+A
A-

"البلاد" تلقي حزمة ضوء على واقع سكن العمالة الوافدة

30 ‬شخصًا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬شقة‭ ‬بحمام ‬واحد

مطبخ ‬صغير‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬7‭ ‬أسطوانات ‬غاز

ضغط‭ ‬هائل ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬المجاري‭ ‬والمياه‭ ‬تفوض‭ ‬منها

منازل‭ ‬آيلة‭ ‬للسقوط‭ ‬وغرف‭ ‬ضيقة‭ ‬تجمع‭ ‬آلاف‭ ‬العمالة

“وضع  أليم هذا الذي نعيشه، لكنها لقمة العيش”. بهذه الجملة استهل حديثه مع “البلاد” محمد إقبال، عامل بنغالي يعمل في البحرين منذ سنتين، وهو يروي المأساة الإنسانية التي يعاني منها أكثر من 90 % من العمالة الأجنبية الوافدة في البحرين من أوضاع سكنية غير صحية ومتردية على أكثر من صعيد لا سيما صعيد الأمن والأمان.
وأكد إقبال: نحن نعيش في غرفة واحدة في أحد المنازل الآيلة للسقوط في العاصمة المنامة، ويبلغ عدد الموجودين في الغرفة 10 أفراد، يعيشون على 5 أسرة ذات طابقين، وسط مساحة صغيرة جدًا للغرفة لا تمكن سكانها سوى من النوم في الغرفة لا غير.
وأشار إلى أن الغرفة لا تحتوي إلا على الأسرة فيما يتم وضع الملابس الخاصة بكل فرد فيها في علب كارتونية وبعضها يتم تعليقها في الخارج على أحد المسامير المثبتة على الحائط، أما أغراضهم الشخصية الأخرى فموزعة في جميع أنحاء المنزل.
“البلاد” زارت العديد من مساكن العمال في العاصمة (المنامة) ووقفت بالمعاينة والصورة على أوضاعهم والواقع المزري والحالة الإنسانية المتردية التي تعيش فيها معظم هذه العمالة.
كانت المشاهدات للصور المتناوبة في المنامة عصر يوم الجمعة، باعتباره يوم إجازة لمعظم العمالة الوافدة، وانحصرت هذه المشاهدات فيما يجري في ردهات المنازل السكنية التي يعيشون فيها ومحطات وقوفهم في بعض شوارع المنامة الرئيسة (كفريج الزراريع، منطقة الجامع، مجمع 301).



البداية 
ونبدأ حيث بدأت الأمور بزيارتنا لأول منزل، والذي يتكون من 3 غرف متوسطة الحجم، ويسكن في هذا المنزل 35 عاملا من مختلف الأعمار والجنسيات الآسيوية، وبدأ محدثنا فريد غلام حديثه معنا بالقول باللهجة الباكستانية “زمان خراب، ومنزل بالكول خراب هي”.
وزاد “نعيش هنا منذ 7 سنوات في هذا المنزل تحديدًا، ويبلغ عدد القاطنين في كل غرفة 10 أفراد، ويتناوب 5 أفراد آخرين السكن بنظام الوردية، أي عند خروج 5 أفراد من المسكن يقومون هم بالمجيء للسكن من أجل النوم والراحة”.
وعن سؤالنا لماذا لا يتم تغيير المنزل أجاب “ لا نستطيع أن نغير المنزل أو نأخذ منزلا أحدث منه؛ لأن سعر إيجار هذا المنزل مناسب لنا؛ إذ إن كل شخص يدفع 9 دنانير فقط للسكن، بينما السكن في المساكن الأخرى يكلّف نحو 20 دينارا وأكثر للفرد، وهذا فوق طاقتنا”.
المنزل كان مترديا على جميع المستويات، يوجد به حمامان فقط في حالة رثة، ويتم الطباخ في إحدى زوايا الصالة، ويوجد في المنزل ككل 7 أسطوانات غاز من الحجم المتوسط والصغير.

المشهد 

وفي المشهد الثاني وفي إحدى الشقق المكونة من 3 غرف وحمامين ومطبخ صغير لا يتعدى حجمه مترا ونصف المتر في مترين، يسكن فيها 30 شخصا من العمالة، استقبلنا سيف الإسلام محمد وقال “أعلم أننا مخالفون لقوانين السكن وقوانين الأمن والأمان، لكن لا يمكننا أن نعيش في البحرين من دون هذه الحالة.
وأوضح أن: أسعار الإيجارات في البحرين مرتفعة على عمال معدل رواتبهم ما بين 120 و150 دينارا بالشهر، مشيرًا إلى أن سعر إيجار الغرفة الواحدة في الشقة 200 دينار والغرفة تحتضن 10 أفراد من العمال وكل فرد يدفع 20 دينارا شهريًا.
وأضاف “لدينا حمامان ولكن على أرض الواقع هنالك 20 شخصا يستخدمون حماما واحدا، فيما يستخدم 10 أفراد حمامًا آخر، هكذا تم الاتفاق كون أن العمال الـ 20 من جنسية واحدة والعشرة الآخرين من جنسية أخرى وجميعهم آسيويون”.
الغريب في هذه الشقة أن فيها 7 أسطوانات غاز، 5 بداخل المطبخ وهي متوسطة الحجم وأسطوانتان صغيرتان في الصالة، وعن سؤالنا لسيف الإسلام عن وجودها في الشقة أجاب “لدى أولاد الملة الواحدة والجنسية الواحدة هنالك خلافات، إذ إن كل فردين أو 5 أفراد لديهم أسطوانة غاز يطبخون عليها ولديهم موعد لحجز المطبخ يوميًا من أجل الطبخ”.
وتابع “وكذلك الأمر حاصل لدى أصحاب الجنسية الأخرى، فلديهم أسطوانتا غاز لكل 5 منهم، واحدة يطبخون عليها، ومن غير المسموح أن يتعدى أحد على أسطوانات الغاز لدى الآخرين”.
وأفاد “نعلم أن وجود هذه الأسطوانات في الشقة خطير جدًا، ولكننا اعتدنا على هذه الحال”. قال هذه الجملة وهو يضحك ويتهكم على واقع حالهم.
في الشارع هنالك المئات من العمالة الآسيوية متسكعة، سألناهم لماذا أنتم بهذه الأعداد الكبيرة في الشارع وسط حرارة الجو، فاتفقوا جميعهم أنهم يجلسون في الخارج لأن غرفهم لا يوجد بها أماكن من أجل الاجتماع وتبادل الأحاديث من ضيقها؛ بسبب تكدس العمالة فيها.
وأضافوا “ناهيك عن أن شققنا لا يوجد بها هواء نقي وصحي، وفي الخارج هذا الأمر موجود، لذلك نقوم بتغيير نفسيتنا بالجلوس خارجًا وتبادل الأحاديث وشرب الشاي، ومناطق الفضاء الخارجية هي عبارة عن صالات تجمعنا للتسامر وتبادل الأحاديث بعد عملنا المنهك أسبوعيا”.


فيضانات

“البلاد” في جولتها زارت العديد من المنازل وهي تشترك جميعها في كونها غير ملائمة للسكن الإنساني على جميع الأصعدة والأحوال، ولم يكن منزل حبيب محمد باكستاني الجنسية أفضل منهم.
حبيب أكد في حديثه لـ “البلاد” أن هذه المنازل والشقق التي تعيش فيها العمالة الأجنبية غير ملائمة للسكن الآدمي، مشيرًا إلى أنها بؤرة لتفشي الأمراض والضغط الهائل على الخدمات.
وأفاد بأن الخدمات الصحية والبنية التحتية للمجاري لا تتحمل العدد الهائل في المنطقة إذ إنها “تفوض” وتتسرب المياه في الشوارع وتنتشر الروائح والأمراض جراء ذلك.
وأوضح أن العادات السيئة كثيرة في مناطق سكن العمالة، ومنها كثرة البصق في الشوارع، مشيرًا إلى أن هذه العادة منتشرة بشكل كبير جدًا وهي خطرة كونها تنشر الأمراض خصوصًا كورونا (كوفيد 19).
وبين أن المشكلة الكبيرة أيضًا تكمن في عدم توافر مواقف للسيارات في المنطقة، إذ إن عددا لا بأس به من هذه العمالة تمتلك سيارات حاليًا، ناهيك عن أولئك الذين يعملون سواقا في الشركات ويملكون سيارات متوسطة وكبيرة الحجم تستخدم لنقل العمال، والحاصل أن المنطقة تشهد العديد من المعارك إزاء الخلافات على مواقف السيارات.