+A
A-

الذكرى الأولى لرحيل "بوسلام".. أنشودة النور

كان فنانا عظيما وشجاعا، وداعية بالأغنية والطرب لا يهدأ. رأى كثيرا وعرف كثيرا وعاش حياة مليئة بالإبداع حتى وصل إلى نهاية الطريق ونومه الأبدي.

سلمان زيمان..تمر اليوم الذكرى الأولى لوفاته، حيث انتقل " بوسلام" إلى رحمه الله تعالى بتاريخ 23 يوليو 2020 كالطير رافعا جناحيه متوجها إلى السماء تاركا أحباءه يسقطون من الحزن كما تتساقط الأوراق الذابلة من الشجر، وأذكر ذلك الخميس جيدًا، حيث ضاقت النفس بالمرارات وعاشرني الحزن وسألت كل الطرقات..من أي أرض جئت أيها الموت وفي عينيك شوق جارف إلى "بوسلام".؟. كيف سنتحمل السم في عروقنا ونحن مهووسون بنشوة صوته وألحانه؟ رفعت سماعة الهاتف ورئتي طافحة بسعال الألم لأتبين حقيقة الخبر من صديقه "عمي يعقوب الماجد" وحينها جاءني صوته كأكليل من الشوك الذي يدمى الحناجر... بوسلام مات، سلمان زيمان مات..أنشودة النور، ولتخلع الشمس وجهها المضيء.

سلمان زيمان سيظل مسافرًا في دمائنا ومع إشراقة كل يوم تجدد ذكراه وزعامته الفنية، وعرفانا منا لهذا الفنان الذي تتلاشى الكلمات حين وصفه ويختنق الفكر، خصصنا هذا الموضوع الذي يحمل شهادات أقربائه ومحبيه لنصنع منها قلادة للذكرى المكتومة.

كتب بدر عبدالملك:

أعرف أن فراغ غياب أبي سلام سيظل ردحًا من الزمن مسكونا في ذاكرتنا وذاكرة الوطن وصورته وهو فرح على خشبة المسرح في مهرجان "أجراس" يعزف الكونغا في أغنية "نار النشامى" للشاعر البحريني علي عبدالله خليفة وهو يردد: "یا لغبر، لا تسيل دمعة افادي ولا تكون.. لا تخطي زلة لسانك.. لا تلمس جرحي المفتوح وتزید آلامه.. ما طفت نار النشامى ولا سكت حس اليهال.. وما غركت كل المنامة".

أجمل ما قيل عن المنامة التي لن ولم تغرق، فهي الأخت التوأم لمدينة المحرق في كل محطات التاريخ البحريني الجميل.

وداعا أبا سلام، فلك في قلوب الأصدقاء ضحكة الحكايات وابتسامات الوقت وحزنه، ستظل في وهج ذلك الحوش كصوت الأغنيات والأمل، كتلك الشجرة التي لا تذبل أو تشيخ، كأحجار البيت القديم وجدرانه في فريج بن هندي.

وكتب عبدالخالق العلي من الكويت:

إن فقدك جعل "زورق أحزاننا" يبحر في دموعنا التي لم تتوقف منذ سماعنا نبأ غيابك، فقد تذكرنا والشوق يغلبنا لقاء لنا في ربوع الكويت العام الماضي، تصارعنا على استضافتك، وكيف لا وأنت مهجة القلب وحبك حقيقة. منذ فقدك يا سلمان ونحن أصدقاؤك في نكران موجع لخبر فقدك، نحن من بعدك شوق ليس يهدأ، فليتك تعود لنا يا طيرنا المحبوب، عد لنا وجها وصوتا، ففي قلوبنا لوعة، لأنك كنت كثيرا ما تؤنسنا وقت الظلم بثغرك البسام الذي لم يتوقف عن بث الفرح من حولك رغم مواجعك التي نجحت في إخفائها عن محبيك حتى لا تكلفهم عناء المعاناة.

وخط علي حسن الأبيات التالية:

تمر ذكراك في حزن وفي ألم

وقلب أحبابك مكلوم ومفجوع

نسترجع الذكرى مع الصوت الشجي نغم

يبلسم الجرح.. ويداعب الروح

يبقى صدى الصوت شمعة

تنير الدرب.. وتوقد الأمل

"أبا سلام" فلسطين جرحك الدامي ينزف

وزيتونها لا زال يثمر

وأطفالها تنشد وتبدع

وأجراسك باللحن تعزف

أنشودة للطائر الهيمان

وقصيدة للحب أسرار

ولذكراك العطرة والنيرة

كم نشتاق لـ"ابو الفعايل يا ولد"

بعد فراقك الغالي

وبعد طول انتظاري

وفي ازدحام المآسي

وفي حلكة الظلام

بفعل الجائحة القاسي

انتظارًا ببارقة أمل

أمل قد يأتي من البذرة

وقد يأتي من الزهرة

بل قد يأتي من النطفة

فالأمل فجرا.. آت لا محال

ويبقى السؤال.. إلى أين المآل؟ 

​