+A
A-

"الرسالة الملغومة" للصدر.. هل تفك شفرة الكهرباء في العراق؟

عاش العراق خلال الساعات الماضية، على وقع السجال الدائر، بشأن الرسالة المنسوبة إلى وزير الكهرباء، ماجد الحنتوش، والمرسلة (وفق المتداول) إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو يشرح فيها وضع الطاقة الكهربائية في العراق، وتورط شخصيات من التيار بملفات فساد.

وانهارت المنظومة الكهربائية في البلاد، فجر الجمعة، بشكل تام، لأول مرة منذ غزو صدام حسين للكويت، فيما قالت وزارة الكهرباء، إن الاستهدافات المتواصلة لخطوط نقل الطاقة طيلة الايام الماضية، مع ارتفاع درجات الحرارة، نجم عنه انفصال خطي نقل الطاقة الرئيسيين، وهو ما أدى إلى توقف الكهرباء في البلاد بشكل عام.

وعقب ذلك بساعات، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، رسالة منسوبة إلى وزير الكهرباء، ماجد حنتوش، تحدث فيها عن تدخل جهات تابعة للتيار الصدري، في ملف تعاقدات الكهرباء، وهو ما نفاه حنتوش لاحقا.

عباس الكوفي وحسين عبوة

وتقول الرسالة المتداولة بشكل واسع، على لسان وزير الكهرباء، وموجهة إلى الصدر: "ليس ذنبنا الإخفاق والفساد في وزارة الكهرباء، ولم نطمح يوما لمنصب الوزير وكنا على أبواب التقاعد.. من اختارني وزيرا هم حاشيتك والمقربون منك بعد الاتفاق مع اثنين من كبار المقاولين في وزارة الكهرباء".

وتضيف أنه "منذ اليوم الأول لاستلامنا المسؤولية كانت تدخلات مكتبكم المتمثلة بالسيد عباس الكوفي، وبعلمكم شخصيا لم تترك لنا خيارا في إدارة الوزارة سواء في عقودها أو في أمورها الإدارية حتى أصبح يمارس دور الوزير خلف الستار ويبرم العقود وينصب المدراء وحاولوا جاهدين تحجيم دوره وتقليل الخراب والدمار الذي تسبب به الذي وصل الى مرحلة تنصيب مشرفين على كل شركات الوزارة وأصبح يدير اجتماعات دورية في مقره بالكاظمية".

وتابعت: "هل تعلم سيدنا أننا لم نكن نملك صلاحية تحريك أي مدير شركه من شركات الوزارة، ولا إبرام أي عقد فيها، وكان الوزير الفعلي هو منسوبكم عباس الكوفي الذي جنّد العشرات من تياركم مثل رائد عبد الحسين، وحسين عبوه وأسماء لم ينزل الله بها من سلطان".

وعلى رغم صدور نفي رسمي من الوزير حنتوش بشأن صحة الرسالة، المنسوبة إليه، إلا أن الشارع العراقي تلقفها وتداولها كتاب وصحفيون على مواقع التواصل الاجتماعي، ووكالات خبرية، فيما قالت مصادر صحفية، بأن الرسالة حقيقية، لكن الوزير تراجع عنها لاحقاً، تجنباً لتداعياتها.

وما أعطى تلك الرسالة زخماً كبيراً، هو تعاطي التيار الصدري معها، حيث أعلن عن فتح تحقيق "عاجل" في كل ما ورد فيها، ما أوحى بوجود نفوذ لتلك الشخصيات في قطاع الطاقة.

وقال حسين العذاري المقرب من الصدر في بيان رسمي، إنه "تداولت الأوساط السياسية رسالة منسوبة إلى وزير الكهرباء المستقيل.. وعلى ضوء مضمون الرسالة وبعيداً عن صحتها أو عدمها، أمر سماحة السيد القائد الصدر بتشكيل لجنة تحقيق للوقوف على حقيقة الأمر".

"تعاملنا بمهنية"

قيادي في التيار الصدري، قال إن "تعاطي قيادة التيار مع الرسالة المنسوبة إلى الوزير، كان بمنتهى الشفافية والوضوح مع الشعب العراقي، إذ تجري تحقيقات في الوقت الراهن، كما أعلن بشأن المعلومات الواردة، لمعرفة صحتها من عدمها، وهذا إجراء سليم، إذ نحن نختلف عن باقي الكتل السياسية التي تساند أعضاءها في حال ثبوت تورطهم بالفساد أو بعرقلة المشروعات الاقتصادية".

وأضاف القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه بسبب منع التصريحات الصحفية في القضية، لـ"سكاي نيوز عربية" أن "مجريات التحقيق ستكون من قبل لجنتين إحداها حكومية، وفق ما أبلغتنا به وزارة الكهرباء، وأخرى تابعة للتيار الصدري، بهدف معرفة الحقيقة في تلك الادعاءات، وفيما إذ كانت حقيقية أو غير صادقة، خاصة وأن الذوات المذكورين يقودون الملف المالي في التيار، وهم مساعدون وقياديون".

وتابع أن "تلك التحقيقات ليست الأولى التي يجريها التيار الصدري، بل تعرض سابقاً إلى كثير من تلك الاتهامات والمزاعم، وتعاطى معها بشكل طبيعي، وردها بالحجة والبيانات".

ومع تجاوز درجات الحرارة حاجز الـ50 درجة مئوية، في عدد من محافظات العراق، ترتفع حدة الغضب الجماهيري من سوء الخدمات العامة خاصة الكهرباء، والتي وصل متوسط مدة انقطاعها نحو 16 ساعة في اليوم الواحد.

ويرى المحلل السياسي العراقي، وائل الشمري، أن "ما حصل بشأن الرسالة المنسوبة، يعطي دفعات جيدة للوصول إلى حقيقة وضع التيار الكهربائي في العراق، خاصة في ظل التداخل السياسي، ورغبة بعض الأطراف بتحقيق مكاسب شخصية على حساب الوضع العام، ومال الدولة، وفي حال توصلت اللجان إلى نتائج ملموسة، ربما ستمثل بوّابة نحو قضايا معقدة بشكل أكبر".

وأضاف الشمري في تصريح لـسكاي نيوز عربية أن "المحاصصة الطائفية والحزبية، التي سارت عليها العملية السياسية في البلاد، تسببت بتلك الانتكاسة في الوضع الخدمي، على رغم سهولة هذا الأمر، ما يحتم على الحكومات العودة إلى المسار الطبيعي، وإبعاد المناصب عن التقسيم، وإحلال كفاءات وطنية، تدفع عجلة تقدم البلاد".