+A
A-

علي مساعد.. وجد حياته في متحفه وحرص على الارتقاء بهذه الهواية

في أكتوبر 2020 قمت مع رئيس التحرير مؤنس المردي بزيارة إلى متحف علي مساعد رحمه الله في البسيتين، وكعادته دائما مع ضيوفه استقبلنا بحفاوة وكرم وجلسنا معه أكثر من ساعة نتجول في متحفه الجميل ونتبادل أطراف الحديث، ومنها هموم ومطالب وأمنيات أصحاب المتاحف المنزلية، وكانت أمنيته رحمه الله كما حدثنا تخصيص بطاقة تعريفية لهواة جمع الأنتيك الكبار والمعروفين من قبل الجهات الرسمية لتسهيل عملهم وتنقلاتهم، فقد كان حريصا على الارتقاء بهذه الهواية الأصيلة والسير في الطريق قدما نحو الأحسن.

على مساعد رحمه الله كان يجد معنى حياته في متحفه، حيث أكد أنه لا يستطيع أن يعيش من دون هذا المتحف والقطع النادرة التي يحتويها، وكما هو معروف أن مساعد بدأ في هذه الهوية في سن العاشرة، وتحديدا في العام 1980، حيث اتجه أولا إلى جمع الطوابع وتبادلها مع الأصدقاء، وبعدها أصبح مندوبا في مجلة ماجد الشهيرة، ومن هنا اتسعت رقعة الصداقات والعلاقات، ومع بداية التسعينات ابتعد عن هذه الهواية واتجه إلى كرة القدم في نادي البسيتين، ولكن حبه للتراث وجمع القطع كان في قلبه، وذات يوم رأى صديقا يمتلك ألبوم طوابع قديمة جدا وعرض عليه شراءه بأي ثمن، وهذه هي المحطة التي وضعته على طريق هواية جمع الأنتيك الأبد. ومن وقتها بدأت الهواية تتسع واستطاع في سنة واحدة فقط أن يجمع "كل طوابع البحرين" من الإصدار الأول العام 1932 وحتى 2005

أما عن عدد القطع في متحفه، فهي أكثر من مليون قطعة، وهناك قطع كثيرة كان لا يملك مكانا لعرضها، ويحتفظ بها في المخازن، والقطعة الأثمن عنده كما أخبرنا هي بطاقة دعوة من جورج السادس ملك المملكة المتحدة "1895 - 1952" للحاج سلمان بن حسن المطر لحضور حفل، وأيضا وثيقة من مستشار حكومة البحرين تتحدث عن الاحتياطات الواجب اتخاذها وقت الغارات الجوية أبان الحرب العالمية، وجوازات قديمة جدا لشخصيات معروفة.

كان متحفه رحمه الله مفتوحا للجميع من طلبة مدارس، ومثقفين، وفنانين ورجال أعمال ورياضيين وغيرهم، وفي إحدى زيارات الفنان أحمد مبارك للمتحف قال إن متحف علي مساعد يعتبر واجهة سياحية بكل معنی الكلمة ومكانا جمیلا لمحبي التاريخ والقطع القديمة، فكل من يدخل يتملكه الإعجاب من الكم الهائل من القطع التراثية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة، فهناك ركن للتصوير، وركن لمعدات الغوص، ورکن للقرطاسية والكتب المدرسية، وركن "البياعة " وآخر للحلاقة، وغيرها من النوادر.

أما المخرج القدير أحمد يعقوب المقلة، فقال عن المتحف إن متحف علي مساعد کالبستان الذي لا يمل من زيارته الإنسان، فهنا نجد كل ما يذكرنا بالماضي الجميل، أيام الطفولة وجميع الأدوات التي كنا نستخدمها والتي من الصعب جدا توفرها في الوقت الحاضر، ولفت المقلة إلى أن الكثير من القطع التراثية التي يضمها متحف علي مساعد تعتبر کنزا ثمينا ومرجعا، والكل يرغب في الاطلاع على التاريخ وحياة الأولين.

وبدوره، قال الفنان أمين الصايغ بعد زيارته المتحف أن زيارة مثل هذه المتاحف المنزلية ليس فيها متعة فحسب، وإنما مشاهدة التاريخ عبر نافذة الماضي وتعطينا دروسا في تغير أسلوب الحياة، في السياق ذاته أكد الفنان خليل الرميثي على أهمية المحافظة على التراث البحريني الأصيل ودعم كل من يهتم بالتراث خصوصا أصحاب المتاحف المنزلية الذين يمتلكون كنوزا من الأنتيك وأحد أبرز هؤلاء على مساعد صاحب المتحف الشهير في البسيتين.

وقد قام علي مساعد رحمه الله في شهر رمضان الماضي بنشر عدد من الوثائق الكثيرة التي يمتلكها مع تعريف بالحدث، عبر حسابه بالواتساب؛ رغبة منه بتعميم وإطلاع المواطنين عليها، حيث أوضح لـ "البلاد" حينها  أنه وجدها فرصة طيبة في ظل الظروف الحالية، حيث الجميع ملتزم بالإجراءات الاحترازية بعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة، أن يطلع الناس على مثل هذه الوثائق النادرة، خصوصا أنه يمتلك آلاف من الوثائق البحرينية، وقد زود "البلاد" بتلك الوثائق وتم نشرها في صفحة مسافات.

"نعي الأصدقاء"

وفور تلقي خبر الوفاة يوم أمس الأول غصت وسائل التواصل الاجتماعي بكلمات الحزن والمواساة، خصوصا من أصدقائه، فقد كتب توفيق يحيى آل مبارك صاحب متحف "زاري عتيج" انتقل الى رحمة الله تعالى الأخ والصديق علي مساعد، إنا لله وإنا اليه راجعون. وكتب صاحب دار بوسعد "إنا لله وإنا إليه راجعون.. لله ما أعطى ولله ما أخذ نسأل الله له الثبات عند السؤال. وبدوره كتب المنتج ولاعب نادي المحرق السابق محمد العليوي "فجيعة أخرى تصدم قلبي المهموم ..مهلا كورونا ورفقا بنا وبأحبائنا ..قلبي الضعيف لم يعد يحتمل الصدمات..أخي وصديقي الغالي على مساعد نجم التميمي في ذمة الله.​