العدد 4595
الجمعة 14 مايو 2021
banner
الظلال السوداء في الصورة هي التي تجعلها جميلة
الجمعة 14 مايو 2021

قال حكيم صيني ذات يوم “إن الحياة مليئة بالأصوات والضجيج والصخب، فيها الصديق والخصم، لكنها لا تعرف الغدر.. الحياة هبة ومن يريد السعادة عليه ارتداء خوذة التفاؤل”، وعلى مر التاريخ دائما ما كان الإنسان الذي يعزف أناشيد الجراح ويحرق نفسه في الهموم والمشاكل عرضة للموت المبكر، ويعلمنا أحد الفلاسفة الذين تميزوا بشعاع البصيرة ويدعى حنا خوري، أن حياة الإنسان قد تتخللها بعض عناصر المآسي، لكنها لا تصيرها مأساة، فالظلال السوداء في الصورة هي التي تجعلها جميلة وتزيدها روعة، وقد يزول جمالها بزوال تلك الخطوط القائمة والظلال السوداء، فلكي نجعل من الحياة مجازفة جميلة نعمد إلى ألوان المآسي القاتمة والظلال السوداء فنبيضها ونصلحها، فصورة الحياة جميلة بكمالها وشمولها، جميلة بهبوطها وصمودها، بأفولها وشروقها، ببحرها وبرها، بصيفها وشتائها، بأتراحها وأفراحها.

نعم.. إننا لا ندرك بالضبط القصد من وجود الآلام والأحزان والشرور والنكبات في الحياة، لكننا نستطيع أن نسمو بهذه العناصر المؤلمة إلى الأعلى ونرفعها بقوة الإيمان إلى مراتب الخير والصلاح، فالإيمان هو الذي يجلل البلايا ويلبس المصائب حلة من الصبر والاحتمال.

قد توجد أمور كثيرة تجعل الحياة جوفاء وخالية من كل غرض وغير جديرة بالبقاء، لكن حياة تقضى في مخاطرات روحية لا يمكن أن تكون هزيلة، نعم إن الحياة لم تكن يوما أمرا أكيدا، فلها مخاطراتها وصدفها وفيها عناصر من الأسرار والألغاز وفيها أثقال فوق طاقتنا كلنا نرغب أن تزاح عنا وأن يزول الفشل وتتحقق الآمال ولكنها تصبح خالية من المجازفات وتشبه حكايات العجائز للأطفال حيث تنتهي باللذة والنعيم.

وقفت سيدة يوما تراقب لعبة التنس الأرضي وأخذت تسأل عن قوانينها وكيفية اللعب فيها، ولما قيل لها إن الضربة تعد خاسرة إذا أصابت الكرة الشبكة القائمة في وسط الملعب أجابت.. ولماذا لا تنزع الشبكة قطعا؟ نعم.. لماذا؟ لاشك أن اللعبة تخسر حميتها وحماستها وجمالها، هكذا.. انزع من الحياة جميع ألغازها وغوامض أسرارها وعش كما تريد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .