العدد 4466
الثلاثاء 05 يناير 2021
banner
“فنتك” والضوابط المطلوبة
الثلاثاء 05 يناير 2021

بسبب الطفرة التقنية الحديثة تحولت الأعمال والخدمات لاستخدام التكنولوجيا والاستغناء عن الأيدي العاملة. ولهذا التطور، إيجابيات عديدة، ولكنه لا يخلو من المصاعب التي قد تصل لدرجة المخاطر. واستجابة للتطورات التقنية وتماشيا معها، قامت البنوك المركزية بالإضافة للسلطات الرقابية الأخرى، في بعض دول العالم، بتقديم المساعدة في ترخيص بعض خدمات التكنولوجيا المالية “فنتك”. وهذا الترخيص يمنح هذه الخدمات التكنولوجية، والتي تتم عبر البنوك، إمكانية النفاذ إلى النظام المالي المصرفي. وتعتبر هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية كبرى تتبناها الدول غالبا لدعم الشركات الصغيرة والأعمال المتوسطة لتخفيض تكاليفها التشغيلية وتوسيع أنشطتها. وهناك دول تسمح بالترخيص للشركات العاملة في خدمات التكنولوجيا المالية بمفردها ودون ارتباط مع البنوك. ولقد عبر العديد من مسؤولي البنوك المركزية عن مخاوفهم من افتقار هذه الشركات لأنظمة مضادة للمخاطر المحتملة، كما هو الحال في البنوك.

ومن الملاحظ، أن شركات التكنولوجيا المالية “فنتك” تبحث جاهدة عن الأدوات التي تمكنها من النفاذ إلى أنظمة الدفع المصرفية، ولكنها في الوقت ذاته لا تريد الانصياع للأنظمة واللوائح المرتبطة بالحصول على تلك الميزة. وهناك احتمال أن تتسبب هذه الشركات، في حدوث أزمات مالية. وقامت بعض شركات التكنولوجيا المالية، مثل “باي بال”، بعرض الخدمات المالية إلى الزبائن وتمكنوا من إقناعهم بالخدمات المتطورة ذات الأسعار الأفضل مقارنة بالبنوك التقليدية. ومن الجهة الأخرى تقول البنوك، إن هذه الشركات توفر المزيد من الأدوات للنفاذ إلى الخدمات المالية بفضل الأسعار المناسبة التي يوفرونها مقابل الخدمة، الأمر الذي سهل عليهم الوصول إلى الأماكن التي لا تتوافر فيها الخدمات المالية الأساسية بشكل كثيف. وهنا، مخاطر واضحة.

وفي هذا الخصوص، فإننا ننصح البنوك التي تقدم هذه الخدمات المالية ذات الصبغة التكنولوجية المتقدمة بإعداد وتجهيز القوانين واللوائح والأنظمة التشريعية والضوابط التنفيذية التي تعطي هذه الأعمال المصرفية الحديثة الصفة القانونية المطلوبة، لأن كل الأعمال المصرفية يجب أن تكون ذات صفة قانونية معروفة وواضحة بنص القانون وذلك حماية للصناعة المصرفية. وبالطبع، هناك القوانين المنظمة للأعمال التكنولوجية ومن ضمنها الأعمال المصرفية التكنولوجية عن بعد. وهذه القوانين التي أصدرتها كل الدول، مستمدة من “قانون اليونسترال النموذجي” الصادر من الأمم المتحدة لتنظيم الأعمال الإلكترونية وتقنينها. ولكن، علينا أن نحرص على تطوير هذه القوانين واللوائح حتى تصبح جديدة حديثة تتماشى مع التطورات التقنية التي تسير بسرعة البرق وضغطة الزر في جهاز الكمبيوتر المحمول في كل الجيوب في كل الطرق. نحتاج لكفاءات مصرفية مقتدرة ويجب توفيرها وتدريبها المتواصل، والأهم من ذلك أننا نحتاج لقوانين حديثة يتم إصدارها بسرعة متسارعة تلاحق التقنية وتواكب تطوراتها، وإلا أصبحت خارج الإطار عديمة الفائدة وجزءا من التاريخ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .