العدد 4452
الثلاثاء 22 ديسمبر 2020
banner
حروب القرصنة الإلكترونية
الثلاثاء 22 ديسمبر 2020

لم نتفاجأ عندما أعلن وزير الخارجية الأميركي قبل أيام، أن العديد من الدوائر الرسمية والشركات الكبيرة في أميركا، تعرضت لهجمات قرصنة إلكترونية من روسيا.

وبعده، ظهر الرئيس الأميركي، وقال إن الهجمات الإلكترونية التي طالت بلاده من الصين. وهكذا استعرت وتيرة الحرب الإلكترونية بين الكبار، وقطعا سيتأثر بها الصغار لأن الحرب ستصلهم أينما كانوا. وهنا المصيبة، لأن الجميع سيتأثر رغما عنه.


إن التقنية الإلكترونية الحديثة أتت وستأتي بالكثير من الغنائم للبشرية وهذا هو المطلوب وما نتطلع إليه، ولكن المفيد قد تصاحبه بعض الأضرار السلبية. وهذا عصر التقنية، وهناك من يستغلها لفائدة البشرية وبالمقابل هناك من يستغلها لضررها. إن الحديث عن الحروب الإلكترونية بين الدول قديم متجدد. بل هناك قول بأن روسيا تدخلت إلكترونيا في الانتخابات الاميركية. وإذا وصلت الاختراقات لهذه الدرجة فإنها، من دون شك، ستكون قادرة لفعل ما تريد وقت ما تريد. وهنا مكمن الخطر.


 ولتنفيذ عملية القرصنة التي أعلنت عنها أميركا، قام القراصنة باقتحام أنظمة شركة (سولار ويندز) وأدخلوا بابا خلفيا في أحد منتجات الشركة (أوريون)، الذي تستخدمه الكثير من المؤسسات لإدارة الشبكات الداخلية. ولذا، كل من تعامل بواسطة (أوريون) قام وبدون أن يشعر بتنزيل البرنامج المخترق ومنح الفرصة للقراصنة للوصول لأنظمته. معظم الشركات في قائمة فورشن (500) والعديد من الحكومات والمؤسسات يتعاملون مع (سولار ويندز) وبالتالي انتشر الوباء وغطى الكثير.


ويقول المختصون في شؤون الأمن السبراني، إن هؤلاء القراصنة يتمتعون بذكاء فني لأنهم بعد الوصول عبر الباب الخلفي في برنامج (أوريون)، ظلت حركتهم بطيئة ومدروسة بعناية وركزوا على مجموعة صغيرة من الأهداف المعينة والمختارة. لذا ظلوا بعيدين عن النظر قبل اكتشافهم وتمكنوا من جمع معلومات هائلة. وتزداد الخطورة، بصفة خاصة، لأن لا أحد يعرف جميع المستهدفين والمعلومات التي أخذت.

بل إن البعض نائم ولا يدري حتى الآن أنه ضحية الاستهداف والقرصنة. وعلى الجميع الآن الفحص، وهذه مهمة صعبة قد تتجاوز قدرة العديد من فرق الأمن السبراني. وهنا تزداد الخطورة لأن كثيرًا من الشركات حاملة للفيروس الخبيث دون أن تشعر وتظل تتعامل بصورة طبيعية من نفسها ومع غيرها، وتزداد نيران الهشيم يوميا.


هل نقفل باب التقنية الحديثة ونبتعد عن التعامل معها وبها، حتى نرتاح من مثل هذه العمليات الخرقاء؟. بالطبع لا يمكن، بل هذا أصبح قدرنا وعلينا السير في طريقه ولكن يجب أن نعد أنفسنا لرد الاعتداءات والخروقات بالطرق القانونية المشروعة مع تحديث التشريعات. وبما أن القراصنة وصلوا لهذه المرحلة في الإجرام عبر التقنية فإن نفس التقنية تحمل في حناياها حلول الدفاع ورد الاعتداءات. وهنا على خبراء الأمن السبراني واجب كبير، في الخلق والابداع، لإنقاذ البشرية والحفاظ على التقنية النظيفة المفيدة في أبهى صورها. ولتفعلوا ليهدأ البال...

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية