العدد 4446
الأربعاء 16 ديسمبر 2020
banner
ما تعلمتهُ من الشرطي رقم “979”
الأربعاء 16 ديسمبر 2020

تابعت باهتمام كلمة الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية بمناسبة يوم الشرطة، والتي ألقت إضاءات على محطات الولاء والفداء لرجال الأمن، بشتى المواقع والميادين، وفي سياق كلمة معاليه المهمة والباعثة للأمل، ولروح المسؤولية الوطنية، استذكرت البيت الذي نشأت وتشاطرتُ فيه طفولتي ومراهقتي ونضوجي، ما بين فريج “لبنان” بالرفاع، ومنطقة سافرة، وأخيراً مدينة حمد.


هذا البيت الذي اتسم بالبساطة والعفوية والحنان، كان رب أسرته شرطيا صلب المراس، يحمل الرقم (979).. شرطي يرى في الالتزام، والنظام، والخٌلق الحسن، وأداء الصلاة في وقتها، أهم أمور الحياة.


والدي السيد أحمد النهام أطال الله عمره، والذي هو من الرعيل المؤسس في شرطة البحرين، واجه من الصعاب أسوة بزملائه ما يواجهه رجال الأمن الآن، بحال لا يختلف كثيراً.


استذكرتُ في يوم الشرطة، يوميات والدي بملابس مشبعة بالعرق، والمناوبات الطويلة، وتوصيته الدائمة لوالدتي رحمها الله علينا، خصوصاً أثناء فوضى الأعمال الإرهابية والشغب، والتي لا يضمن بها الشرطي عودته لمنزله مرة أخرى. في المقابل، تعلمتُ من الشرطي رقم (979) روح المسؤولية، والاعتماد على النفس، والإدراك بأن الحياة خارج البيت ليست بالسهولة التي هي بداخله.. تعلمت منه أيضاً أننا لم نولد أطفالاً كغيرنا، بل رجالاً.

كذلك كان يقول لنا الرجل الذي لم يدخل المدرسة ليوم واحد، أنجبتكم رجالاً، وستظلون رجالاً.


كما كان يوصينا باغتنام ما لم يوفق به هو، أي “العلم” والثقافة، والنجاح الدراسي، وبقناعة أكيدة، بأن الأموال لا قيمة لها مقابل المعرفة، والخلق السليم، والشخصية الناضجة.


الحياة الشاقة هي التي تنجب الرجال، وهي التي تعلمهم حس المسؤولية، وقيمة المال والوقت والأسرة، والاعتماد على النفس.. الحياة الشاقة تؤكد لنا دائماً عدم التعويل على الآخرين، مهما علت مناصبهم، وزادت كنوز خزائنهم.
تحية محبة ووفاء للشرطي رقم (979)، ولكل رجال الشرطة الأبطال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية