+A
A-

حقبة ما بعد كورونا.. ما هو مستقبل اقتصادات المنطقة؟

مع بدء بريطانيا حملة التطعيم ضد فيروس كورونا، تترقب دول المنطقة دورها أملا في عودة الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى بعد أن أضر وباء كوفيد – 19 باقتصادات العالم وأفقدها ملايين الوظائف.

الأخبار أغلبها إيجابية بشأن لقاحات كورونا، إلا أنه لم يتم الإعلان حتى الآن عن وصول اللقاح إلى المنطقة.

تشير بيانات مؤسسة "Duke Global Health Innovation Center"، اطلعت عليها العربية.نت، إلى أن مصر أبرمت اتفاق شراء متقدما (APAs) للحصول على 55 مليون جرعة من لقاح أسترا زنيكا – أكسفورد، ولقاح "سبوتنك في" الروسي، وهو ما يكفي لتطعيم نصف السكان. وتسعى أيضا مصر لأن تكون مركزا لتصنيع لقاح سينوفاك الصيني.

وتظهر البيانات الرسمية المصرية أن مصر ستحصل على 20% من احتياجاتها من لقاح كورونا عبر قمة التحالف الدولي للقاحات والتحصين (جافي) بسعر مخفض، فيما ستحصل على 30% من احتياجاتها من أسترا زنيكا، فيما تتواصل السلطات حاليا مع شركات أخرى لتوفير احتياجاتها من اللقاح قبل نهاية 2021.

دول الخليج

ومن المتوقع أن تكون دول الخليج الأسرع وصولاً للقاح، حيث عدد السكان قليل والدخل المرتفع يمكنها من شراء اللقاح بشكل مباشر.

وأعلنت السعودية أنها ستقوم بشراء لقاح سبوتنيك الروسي، وأعلنت الكويت شراء مليون لقاح من شركة فايزر.

ووفقا لبيانات Duke، لم توقع الإمارات حتى الآن على اتفاقية شراء متقدم لأي لقاح لفيروس كورونا، مع سعي الدولة للعب دور مهم في توزيع اللقاح حول العالم جوا، وهو ما يمكنها من تأمين حصتها من اللقاح.

قائمة الانتظار

ستعتمد الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي لا تستطيع شراء كمية كبيرة من اللقاح أو توفيره بصورة مباشرة، على الدعم في إطار آلية التزام السوق المسبق لكوفاكس (COVAX AMC).

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فتضم مبادرة كوفاكس تسعة لقاحات مرشحة مدعومة من الائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة (CEPI)، بالإضافة إلى تسعة لقاحات مرشحة أخرى في طور التقييم، في حين تجري محادثات مع منتجين آخرين لا يتلقون حاليا أي تمويل لأنشطتهم المتعلقة بالبحث والتطوير في إطار المبادرة مما يتيح لمبادرة كوفاكس أكبر محفظة من اللقاحات المضادة لمرض كوفيد-19 وأكثرها تنوعاً في العالم.

والمشكلة الرئيسية بشأن هذه الآلية تتمثل في مدى سرعة وصول اللقاح لهم، ومدى سرعة توزيعه على الدول الأكثر احتياجا.

ويشير تحليل من قبل شركة دي إتش إل المتخصصة في الشحن، أن درجة الحرارة المطلوبة لحفظ اللقاح، مثل الذي تصنعه فايزر، ستمثل عائقا لتوزيعه في جميع دول المنطقة باستثناء الإمارات.

عودة الحياة

بمجرد بدء توزيع اللقاحات، فمن المتوقع أن تبدأ عجلة الاقتصاد في الدوران مرة أخرى، مع إزالة الإجراءات الاحترازية. وتشير أغلب التوقعات، إلى أن الإجراءات الاحترازية في المنطقة لمواجهة كورونا ستزول في النصف الثاني من 2021.

وستكون أكثر الدول التي عانت من تداعيات كورونا، هي الأكثر استفادة من اللقاح، مثل دول شمال أفريقيا.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المناطق التي تأثرت فيها القطاعات الاقتصادية من جراء التباعد الاجتماعي، ستكون من أكبر المستفيدين، مثل دبي، وفقا للمحلل الاقتصادي لدى كابيتال ايكونوميكس جاسون توفي.

وقال إن هناك 3 فوائد غير مباشرة ستجنيها دول المنطقة من توزيع اللقاحات، بخلاف رفع القيود، أولها هو انتعاش الطلب الخارجي، إذ يتوقع أن يعود النمو العالمي إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول الربع الثاني من 2021.

وتابع: "لن يعود النشاط الاقتصادي تماما إلى مساره السابق قبل الجائحة خلال العامين المقبلين".

أما ثاني تلك الفوائد، وفقا لتوفي، فتتمثل في عودة السياحة الخارجية، وثالث تلك الفوائد تتمثل في تحسن شهية المخاطر العالمية، ما يؤدي إلى تحسن تدفقات رأس المال إلى أسواق المنطقة، وهو ما سينعش اقتصادات الدول التي تواجه عجزا في الميزان الجاري مثل مصر والمغرب وتونس والأردن والبحرين وعمان.

الدول المنتجة للنفط

عانت الدول المنتجة للنفط من تداعيات كورونا بشدة، إذ أدى السلوك الذي فرضه الفيروس على العالم المتمثل في العمل من المنزل وانخفاض أو شبه انعدام السفر جوا، إلى تراجع الطلب العالمي على النفط. ومع توزيع اللقاح، فإن الحياة ستعود جزئيا إلى طبيعتها.

وتتوقع كابيتال ايكونوميكس أن يتراوح سعر خام برنت بين 49 و60 دولارا للبرميل بنهاية العام المقبل.

وقالت كابيتال ايكونوميكس، لـ "العربية.نت"، إنها رفعت توقعاتها لمعدل النمو الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 5.6% في 2021 مقابل توقعاتها السابقة عند 5%، كما قلصت من توقعاتها لإنكماش اقتصاد المنطقة العام الجاري ليصل إلى 5.1% مقارنة بتوقعها السابق بتراجع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بـ 5.7%.

وتظهر البيانات، أن الإمارات ستكون الأكثر نموا بحلول العام المقبل بنسبة 9.8% مقابل انكماش متوقع قدره 9.3%، تليها المغرب الذي ستحقق نموا قدره 9.3% مقابل انكماش بـ 6%.

ومن المتوقع أن تحقق السعودية نموا بـ 3.5% في 2021، مقابل انكماش بـ 4% العام الجاري، ومصر ستحقق نموا بـ 6.8% مقابل 1% العام الجاري.

أكبر التحديات

من التحديات التي ستستمر في دول المنطقة حتى بعد زوال الفيروس، هي الديون. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع ديون دول المنطقة (باستثناء لبنان) بنحو 64% لتصل إلى 1.5 تريليون دولار بحلول 2025.

الزيادة الكبيرة بالديون السيادية ستكون من نصيب الكويت، وسترتفع من 12% فقط من الناتج المحلي الإجمالي إلى 91% بحلول 2025.

ومع ذلك، فإن حقبة ما بعد كورونا قد تمثل فرصة كبيرة لدول المنطقة، وفقا للمحلل بشركة بي دبليو سي، ريتشارد بوكشال. ويقول إن دول الخليج قد تستطيع أن تقلص من تكاليف العمالة في قطاع الخدمات بعدما استطاعت أن تقدم تلك الخدمات عبر العمل عن بعد وقت كورونا، وفي الوقت ذاته تستطيع جذب الموظفين ذوي المهارات العالية، والمهاجرين الأثرياء.

تحسن النمو

وفي تقرير لفيتش صدر بعد بدء التطعيم ضد كورونا في بريطانيا أمس، أرسلته للعربية، قالت إن الانتعاش الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيتأثر بضعف توقعات الطلب على النفط، وجهود ضبط أوضاع المالية العامة بعد الارتفاع الحاد في الديون خلال عام 2020.

ومع ذلك، ستسجل معظم الدول السيادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحسنا في النمو وتحسنا في الأرصدة المالية الخارجية في عام 2021، مع تعافيها من صدمة فيروس كورونا، وتعافي أسعار النفط، وتخفيف إجراءات التحفيز، وفقا لفيتش.

لكن معاناة الميزانيات العمومية في دول المنطقة ستتواصل على الرغم من الجهود المبذولة للتخفيف من تأثير الوباء على الاستدامة المالية، على الرغم من أنها لا تزال قوية للغاية بالنسبة للحكومات ذات التصنيف الأعلى في مجلس التعاون الخليجي.

وقالت فيتش إن 5 دول عربية من بين 15 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصنفها الوكالة بنظرة مستقبلية سلبية، في حين خفضت التصنيف الائتماني هذا العام لكل من البحرين ولبنان والمغرب وعمان وتونس.