العدد 4377
الخميس 08 أكتوبر 2020
banner
الأديب البحريني.. لوحة شاخت واهترأت فيها الألوان
الخميس 08 أكتوبر 2020

ليس تعميما ولكن هناك شعور بأن الأديب البحريني مشتت “من فوق ومن تحت”، مشتت إلى الوراء وفي الخارج والداخل وإلى الأمام، ويسير فوق حقول ومناجم، ويعيش الركود والتجمد منذ فترات طويلة وكأنه ابتعد عن التقدم ومواكبة الحضارة المعاصرة وإغنائها بدفقات من الإبداع في مختلف أوجه النشاط الإنساني، والسبب يعود وكما كتب أستاذنا أحمد جمعة في زاويته قبل أيام وحسب وجهة نظرنا إلى “استيراد الثقافات الخارجية على حساب المنتج الوطني”.

لن نزيد على ما كتبه أحمد جمعة إلا بالقول إن رجال الفكر والأدب هم بحكم التعريف في موقع القيادة للمجتمع، أي مجتمع كان، فهم قبل سواهم، أجدر بفهم الواقع وتحليله وأقدر على استجلاء آفاق مستقبل الأمة ومستقبل الإنسان، وأقدر بالتالي على اكتشاف بل ابتداع الحلول المناسبة للمعضلات، ومن هنا كان ولا يزال لهم تأثير أساسي في تكوين الضمير والتفكير الجماعي والفردي تأثيرا إيجابيا وكبيرا.

إن الأدب والفن وسائر إبداعات الفكر تستتبع مسؤولية أصحابها ومبدعيها، فالكلمة ليست أثرا بديعيا فحسب، بل هي قبل ذلك مسؤولية الكاتب الذي كتبها، ومن نتائج فعلها في الجماعة وفي الحضارة تتحدد مسؤولية صاحبها. إن الكاتب الجدير باسمه هو أولا إنسان يحس بمسؤولية الكلمة وأمانتها مثلما يحس بآثارها وفعلها ونتيجة لهذا الإحساس المرهف الحاد فهو لا يجيز لنفسه أن يقدم من النتاج الأدبي والفني والفكري إلا ما يؤدي إلى إغناء الفكر وترسيخ قيم الإنسانية في الحرية والتقدم والمعرفة ورفع شأن الإنسان، ولأن الكاتب يحتل مكان الطليعة في مجتمعه فإن مسؤولية ما يفعله أكبر بكثير من مسؤولية الآخرين.

 

لقد اختلف كل شيء اليوم وأصبح الأديب البحريني الفرع بعد أن كان الأصل، وبات يبحث عن شمعة وسط الظلمات المتراكمة التي تحيط به من كل مكان، إنه أشبه باللوحة التي شاخت، واهترأت فيها الألوان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .