العدد 4371
الجمعة 02 أكتوبر 2020
banner
وجب فحص هذا النمط
الجمعة 02 أكتوبر 2020

يُعرف النمط على أنه الشكل المتكرر أو غير المتكرر الذي يحدث به الشيء أو يتم القيام به، ويحتوي على صفات تجعلُ منه نسقًا ذا صفات، فمثلا لدينا أنماط الشخصية بشكل عام، ومنها أنماط الشخصيات القيادية الناجحة أو الفاشلة، لكن السؤال الذي غالبا يتم طرحه في النقاشات العلمية: كيف يؤثر النمط الناجح أو الفاشل للمدير على سلوك الأفراد في المؤسسة؟ وفي هذا السؤال عمقُ نظر وعظيم إدراك.. قد تكونُ الإجابة عن هذا السؤال مختلفة أو متعددة، لكن من بين الإجابات إجابة أعتقدُ أنها الصواب، وهي أن المحاكاة تلعبُ الدور الرئيس الأكبر. دعوني أُبين لكم ذلك من خلال تجربة العالم الياباني "سوزوكي".

ذلك العالم الياباني كان معلماً وصانعاً للآلات الموسيقية، ثم حدث له تحول كبير في إدراكه طبيعة التعلم الذي يُمكن للإنسان من خلاله أن يتعلم، حدث ذلك أثناء زيارته إحدى الحاضنات العملاقة لطائر يُسمى "القنبرة".. مربو هذه الطيور يعمدون إلى وضع بيض الطيور في قاعات كبيرة دافئة وهادئة كأنها عش عملاق، يتكرر فيها صوت واحد فقط لأحد القنابر البارعة في الغناء، والذي كان غناؤه يشبه موسيقى "بيتهوفن"، المثير للدهشة أن الفراخ الصغيرة حال تفقس البيضة تبدأ تلقائيا بتقليد هذا الطائر في تغريده، ومع مرور الوقت أصبحت جميع الفراخ تقلد النغمة نفسها، وتتبع نفس الصوت، ينتقل بعدها مربو هذه الطيور إلى مرحلة اختيار الأفضل منها والأكثر إتقاناً؛ لتكون مغردة لمجموعة صغيرة أخرى للفراخ في مكان آخر، وهكذا دواليك.

هذا الأمر العجيب أصاب "سوزوكي" بالدهشة، فكيف للطائر الصغير الذي ولد للتو أن يتعلم بإتقان تام، وأن يستطيع التغريد بدقة عالية.. إنها مهارة المحاكاة.

المنهج الاستدلالي قاد العالِم إلى نتيجة مؤداها أن العقل البشري قادر على التعلم بصورة أفضل وأكثر من طائر القنبرة، ومن هنا جاءت الدراسات التي أدت إلى نتائج مذهلة في التعليم والإدارة. بطبيعة الحال؛ المجتمعات البشرية أولى بالقدرة والتعلم باستخدام هذه الوسيلة "المحاكاة"، حيثُ على سبيل المثال يتأثر أعضاء الفريق بنمط شخصية مديره، فإن كان فاعلاً ونشيطاً ومجتهداً رأيت الفريق في الأغلب يحاكي هذا النمط ويتأثر به وإن كان كسولا ولا يعرف مهامه بصورة دقيقة فتيقن أن المؤسسة في طريقها إلى التراجع وأنه من الضروري فحص هذا النمط. ودمتم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية