العدد 4328
الخميس 20 أغسطس 2020
banner
إخفاق بأثر رجعي
الخميس 20 أغسطس 2020

وقع بين يدي كتاب ذو قيمة علمية كبيرة، كنتُ قد ابتعته من إحدى دور النشر في مهرجان الكتاب العام الماضي، يتحدث الكتاب عن قصص نجاح لمديرين تنفيذيين استعان بهم مستثمرو المؤسسات، ليتمكنوا من وضع مؤسساتهم في مصاف مثيلاتها ويعوضوا خسارتها بالربح، وبطبيعة الحال فإن العرض الذي يتم التفاوض عليه بين المستثمر والمدير التنفيذي لابد أن يكون مُرْضيًا ومغريًا للطرفين، فالمستثمر يريد خطة واضحة وضمانًا أكيدًا من المدير، ليتبين رؤيته في نقل المؤسسة من حالها إلى حال أفضل، من وضع الخاسر إلى الرابح والناجح، أما المدير فيفاوض على المقابل المادي والامتيازات.

وجميع ذلك مقبول ولا غبار عليه وحقٌ للطرفين، لكن الطريف أن الكاتب تطرق فيما بعد إلى قصة تثير الضحك والسخرية في ذات الوقت، فبينما كان أحد المستثمرين يبحث عن مدير تنفيذي لينقذ مؤسسته التي كانت على وشك السقوط؛ رشح له أحد أصدقائه شخصًا له خبرة إدارية طويلة، ومؤهله العلمي عال، وأكد له أنه الشخص الذي يبحثُ عنه قطعًا. وبلا تردد حدد الموعد معه، وكان اللقاء بينهما، وعندما سأله عما يمكنُ أن يفعله ليقفز بالمؤسسة من الفشل إلى النجاح؛ أجاب وهو يمطُ شفتيهِ غروراً واستكباراً “بالطبع يمكنني ذلك في ظرفِ عام فقط”! ذلك الرد الواثق أقنع صاحب المؤسسة، وجعله يوقع العقد مباشرة، وبالشروط التي طلبها المدير.

وبعد مرور عام، توالت أخبار الإخفاقات، وبدأ القلق يدب في نفس المستثمر ويشغل عقله. “أعطني وقتاً أكثر، وسترى النتائج المرجوة”، كان هذا وعدًا من المدير البائس لمنحه فرصة أخرى. استمر في عمله عاما بعد عام، وفي إحدى السنوات حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث انحدرت المؤسسة إلى الهاوية وخسرت سمعتها السوقية، وأصبح متعذرا على المدير الاستمرار. “إخفاق بأثر رجعي” هو ما يمكننا إطلاقه وصفًا على تلك المؤسسة. لذا ينصحُ خبراء الإدارة بإجراء التعديلات التي تناسب المؤسسات، واستبعاد الأشخاص المتسببين بالإخفاق لإنقاذ المؤسسات والعاملين بها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية