العدد 4333
الثلاثاء 25 أغسطس 2020
banner
وكالات التصنيف الائتماني في الميزان
الثلاثاء 25 أغسطس 2020

بعد الانهيارات المالية والمصرفية التي تعرضت لها كل الدول، ظهر جليا للعيان وجود خلل ما في أعمال ومهام وكالات التصنيف الائتماني العالمية. وتبين أن ما تقوم به هذه الوكالات العالمية أصبح مثار تعجب من العديد من الجهات خصوصًا بعد ظهور عدم المصداقية واختفاء المهنية في بعض الأعمال التي قامت بها هذه الوكالات، التي أعطت تصنيفا مرتفعا لمؤسسات مالية وصناديق سيادية وفجأة وفي وقت وجيز تقوم بإعطاء تصنيف منخفض لنفس المؤسسات والصناديق بل حتى الدول.

وتوجد في العالم 3 وكالات تصنيف رئيسة تسيطر على هذا العمل، وتقوم الوكالات عبر تصنيفها بتقديم مؤشر للمستثمرين يمكنهم من اتخاذ القرار بشأن الاستثمار مع توضيح المخاطر. والمعضلة تقع في كيفية تحديد درجة التصنيف وما المعايير التي تستخدم للوصول إليه؟ وهل هذه المعايير ثابتة ومعروفة ؟ وهل هناك شفافية كافية في هذا الخصوص؟ وهل هناك مساءلة كافية لمعرفة مدي التزام وكالات التصنيف بهذه المعايير وما يتبعها من الشفافية؟ والأسئلة كثيرة؟

من دون شك، هناك حاجة لدور وكالات التصنيف كجهة مستقلة محايدة فنية ولكن أيضا هناك حاجة لإعادة النظر في مهامها وتحديد المعايير الأساسية والدور القانوني الذي يجب إن تلتزم به في جميع الأحوال وكل الظروف. وعليه فلا بد، من قيام كيان مهني قانوني عالمي لوضع المعايير المهنية المطلوبة ومحاسبة من يتجاوز أو يتهاون في تنفيذ هذه المعايير.

ويجب دراسة العقود التي يتم توقيعها مع وكالات التصنيف وتحديد مهام الأطراف وكيفية تنفيذها مهنيا وتبعات التنفيذ من النواحي المهنية والقانونية والأخلاقية، مع تحديد مسار العلاقة بين الأطراف المتعاقدة والأطراف الثالثة. ونقول هذا لأن العقود الحالية، في نظرنا، غير واضحة وبها عتامة كافية للوقوع في المزالق، ما يتنافى مع أبسط المبادئ القانونية لقواعد العقود. وفي حالات كثيرة طرأت خلافات بين أطراف العقد لأن كل طرف ينظر لمهام الآخر بصورة مختلفة، وهذا يمكن بل يجب تجاوزه بوضع النصوص التعاقدية الواضحة عيانا بيانا لكل طرف.

ونحتاج لوضع معايير للتصديق لهذه الوكالات والسماح لها بمزاولة أعمالها وكيفية مراقبتها والإشراف على أعمالها، ونحتاج أيضا لوضع معايير للرقابة على المراقب؟ ومن يراقب المراقب؟ ونحتاج لوضع أسس مهنية ومحاسبية وإحصائية، للعمل عند التصنيف وتكون معروفة ويلتزم بها الجميع ويتبعها الجميع وفق أعلى معايير الشفافية والمساءلة، وذلك حتى لا نجد كل وكالة أو فريق يعمل وفق هواه وقياسه لأن الحكم (درجة التصنيف) على مؤسسة مالية أو وكالة سيادية سيلقي بظلاله على كل العالم في ظلال حمي العولمة العالمية. وعلى الجميع التزام الصدق وتحري الدقة والتعامل المهني مع وكالات التصنيف لتمكينهم من تقديم الصورة الحقيقية للتقييم، حتى ولو كانت قبيحة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .