لا أعرف الكثير عن الوضع السياسي القائم في لبنان، ولا أحب الغوص في دهاليز السياسة، لكنني أعرف أن هذا البلد الجميل يتربع منذ سنوات طويلة على فوة بركان، وكثيرا ما انكوا بنيرانه الحارقة!
وكغيري من الناس، أشعر بالتعاطف الدائم مع الشعب اللبناني بجميع طوائفه ومذاهبه، وأخص بالذكر “طائفة الرياضيين”، الذين لا تفرق بينهم الأديان والمذاهب ولا الزعماء والأحزاب، لأن الرياضة ببساطة شديد يتوجب أن تكون بمعزل عن هذه الحسابات، فهي المتنفس الذي يذهب الإنسان من خلاله إلى مساحة بعيدة عن التشنج والاحتقان.
لكن حتى الرياضة في لبنان لم تسلم من الحمم السياسية الحارقة، حيث يواجه الرياضيون معاناة كبرى في خضم ما يحدث في بلادهم من أزمات سياسية واقتصادية وصحية، وكان آخرها انفجار مرفأ بيروت الذي حطم آمالهم في عودة النشاط بعد جائحة كورونا وأرجع الأمور إلى محطة الانتظار حتى إشعار آخر!
قد يرى البعض الحديث عن الرياضة في خضم المأساة التي يعيشها لبنان غير مناسب، فهناك أناس يبحثون عن مأوى يضمهم بعد تحطم منازلهم، وأناس آخرون يبحثون عن مفقودين لهم تحت الركام الذي خلفه إعصار الانفجار، وآخرين فقدوا احباؤهم ووظائفهم وشعورهم المشروع بالسكينة والاطمئنان.
إلا أن الرياضة لا يمكن أن تكون بمعزل عن أي تحرك لترميم ما خلفه الدمار، فهي ليست ممارسة عبثية ومضيعة للوقت، وإنما حاجة ماسة ليخرج الانسان طاقاته وإبداعاته ويفرغ الشحنات السلبية في بيئة صحية، ويفترض أن تشتمل أي فكرة لإعمار بيروت المنكوبة الأندية والمنشآت الرياضة المتهالكة وتجعل منها بيئة صالحة للاستخدام.
وهنا دور المنظمات الرياضية الكبرى، ابتداء باللجنة الأولمبية الدولية، مرورا بالاتحاد الدولي لكرة القدم، وانتهاء بكل الراغبين في مساعدة لبنان، لتكون البنى التحتية للرياضة اللبنانية نصب أعينهم، فهي الميدان الذي يجمع ولا يفرق، وكذلك الرياضيين يجب أن ينوبهم جانب من الاهتمام والرعاية الخاصة حتى لا ينال الدمار من معنوياتهم.
أقول ذلك بعد تجربة عاشها العالم خلال الأشهر الماضية، وكيف كان تأثير توقف النشاط الرياضي على معنوياتنا، لقد غابت المتعة والإثارة التي كانت تخفف عنا ضغوط الحياة، وبات الناس يبحثون عما يسليهم ليشغلوا الفراغ الذي ملأ يومياتهم، أما الرياضيون فحياتهم أصبحت أكثر قسوة بعيداً عن الملاعب.
واذكر هنا موقف سائق فريق مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون، الذي شعر أثناء فترة توقف سباقات الفورمولا واحد أن مستقبله وطموحاته بدأت تتهاوى، ومعنوياته تنهار شيئا فشئيا رغم الرفاهية التي يعيشها، فكيف يمكن ان تكون معنويات الرياضيين اللبنانيين، وهم يعيشون وسط أزمة تتعدى توقف النشاط الرياضي وتشمل حتى أبسط الاحتياجات في حياتهم اليومية؟!