قبل أن تخيم جائحة الكورونا على كوكب الأرض، لم يكن الدوري الألماني لكرة القدم المسابقة الأقوى في العالم، لكن الوضع تغير على ما يبدو وباتت البوندسليغا في طليعة المسابقات العائدة إلى المستطيل الأخضر متحدية الوباء المخيف من خلف الأبواب ووفق البروتوكولات الصحية المشددة.
ورغم ذلك ربما يرى البعض أن إقدام ألمانيا على استئناف مسابقاتها الكروية، مغامرة غير محسوبة المخاطر، وغالبية الألمان أنفسهم غير مؤيدين لهذه الخطوة، إلا أن العقلية الألمانية، تدرك تماما أن الماكينات لا قيمة لها عندما تكون متوقفة عن العمل!
ويمكن القول أن عملاق الصناعة والاقتصاد الأوروبي قدم للعالم مثالا يحتذى به في المجال الرياضي وفي كرة القدم على وجه الخصوص باستئناف نشاط لعبة لم تكن أبدا على هامش الاهتمامات الحضارية، والصورة النمطية التي يفتخر بها الألمان كونهم أباطرة الساحرة المستديرة وأبطالها التاريخيين.
لذلك، ووفق المتغيرات الحاصلة على مستوى العالم بسبب جائحة كورونا وما فرضته من تحديات، استطاع الألمان أن يتقدموا الصفوف ويعلنوا عن أنفسهم كصناع رائدين في كرة القدم، التي ستتأثر كثيرا جراء استمرار توقفها في بقية البلدان وما تترتب عليه من استنزاف مالي وإفلاس بعض الأندية، فيما أجبرت البقية الناجية على التخلي عن عقلية البذخ الصارخ.
وبينما، تدرس إنجلترا وأسبانيا وإيطاليا طرق العودة، أشعلت ألمانيا شعلة المنافسات، وأثبتت للعالم أنها بلد يستطيع النهوض من تحت الركام الذي خلفه كورونا، ولا شك أن هذه الخطوة سيكون لها أثر إيجابي على المسابقة الألمانية في المستقبل القريب فهي محط أنظار العالم بأسره اليوم لأنها متنفس ملايين الناس الوحيد حتى هذه اللحظة.
ويبدو التحدي الجديد الذي تواجهه كرة القدم، ليس وفرة المال كما في السابق لاستقطاب نجوم اللعبة، وإنما الكيفية الحفاظ على صحة اللاعبين من الإصابة بالوباء، وهذا التحدي نجحت فيه ألمانيا منذ اليوم الأول فهي أقل الدول الأوروبية تضررا بفضل بنيتها الصحية القوية. والأيام المقبلة ستثبت لنا الكثير.