العدد 4226
الأحد 10 مايو 2020
banner
الابتكار والإبداع
الأحد 10 مايو 2020

مما لاشك فيه أن عالم كورونا لن يكون مثلما كان قبله أو بعده، وأن الدروس المستفادة من “الجائحة” سوف تكون بمثابة البوصلة التي تحرك مصائر أيامنا، وثوابت حياتنا، ومفترقات عوالمنا.

رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه في طلاته المبشرة، وفي توجيهاته المتكررة يذكرنا بأن العالم القادم سيكون حتمًا مختلفًا، وأن الركون إلى سوابق العهد عند التعاطي مع التحدي، لا يغني ولا يسمن من جوع، القادم مختلف؛ لأن الوافد كان مفاجئًا، والمستقبل مختلف؛ لأن الحاضر كان ومازال يفجر من الهزات أكثر مما يبعث على التفاؤل.

خليفة بن سلمان يشدد على الابتكار، على الإبداع، على التفكير خارج الصناديق المغلقة، وبعيدًا عن السلال المهملة، يدعونا مثلًا أن نكون سباقين في التعاطي مع علوم الحياة القادمة، وأن نصل مبكرًا في جميع مواعيدنا، أن نرحب بالحدث ونستلهم منه العبر والعظات، وألا نتركه يستقبلنا بالجوائح والمفاجآت والكوارث المزلزلة.

الإبداع والابتكار في نظر الرئيس منظومة متنوعة، من العلوم والفنون والقدرات الخاصة، سلة متكاملة الأركان، كاملة الأوصاف والمعاني لجادة الاجتهاد والمناشدة بأن قضايانا الإنسانية لا يجب “أدلجتها”، وأن أفكارنا المجتمعية لا ينبغى التنظير لها من بعيد.

العالم الصغير جدًا كحبة العدس المستقرة أصبح حقلًا خصبًا للتجارب، المرضى الموبوؤون بالفيروس معمل متكامل الأركان لإنتاج لقاحات، واكتشاف علاجات، واستنباط وسائل وقاية لا تخطئها العين.

العناية المركزة المتجولة، أجهزة التنفس الاصطناعي الإلكترونية، وأجهزة الطواقم الطبية المانعة، المناعة الطبيعية المكتسبة، إلغاء الفكرة الملوثة بمناعة القطيع، احتدام المنافسة بين الشرق والغرب على كشف علمي ساحق، أو النزول إلى الشارع بكمامات سابقة الإعداد والتجهيز، وقفازات تتحدث بكل لغات العالم، كل ذلك يوحدنا، يجعلنا على قلب رجل واحد، في السراء والضراء، سواسية كأسنان المشط، في الوباء والبحث عن دواء داخل سفينة نوح الافتراضية في عالم لم يكن افتراضيًا إلا من خلال الهواتف النقالة وأجهزة الحاسوب السيارة، وبعض الابتكارات العلمية الفائقة.

الرئيس القائد يوجه نحو الابتكار والإبداع ونحن نقول لسموه: سمعًا وطاعة، على الرحب والسعة، نحن نرحب وسموكم توجهون، نحن نستمع جيدًا وسموكم تتحدثون، ونحن قادرون على المواجهة من خلفكم وسموكم تتقدمون.

هذه هي الحالة الخاصة جدًا لوطن لا يريد أن يتنصل من مسئولياته، وهذه هي الجائحة كما يجب أن تكون وسط عالم وللأسف الشديد لم يحترز بما فيه الكفاية، ولم يأخذ في الحسبان أن التقدم ليس ترفًا، ليس بهلوانًا في سيرك، أو مصارعة ديكة في حلبات مجنونة، أو حتى رياضة منتقاة من تاريخ الإنسانية البعيد.

عين العقل هي عين اليقين، قلب يؤمن، وعقل يتبصر، وقادة يتفكرون، علماء ينتصرون لعقيدة المعرفة، ومن قبلهم مسئولون ينثرون الورود والرياحين في طريقهم، لكن كيف كأساتذة جامعات وكجامعات نستقي من توجيهات الرئيس القائد الفكرة من أجل تحويلها إلى واقع مُعاش؟ كيف يمكن للنظريات أن تتحول إلى حقول تجارب بهدف إيجاد علاجات ناجعة لمشكلات الناس؟

تلك هي الأسئلة المثارة اليوم، وكل يوم، من قبل الجائحة وما بعدها، من قبل التوجيه الذي جاء بردًا وسلامًا على المنظومة العلمية برمتها، ومن بعد التوجيه السامي الذي يضعنا جميعًا ووجهًا لوجه أمام التحدي وخلف القيادة، وعلى نفس المستوى مع جيوشنا المباركة البيضاء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية