تفتخر الأمم والشعوب بمواردها البشرية، حيث يعتبر هذا المورد من أهم عناصر الإنتاج في أية عملية اقتصادية، إلى جانب أربعة موارد أخرى لا تقل أهمية، فهناك الموارد الطبيعية، والتنظيمية والرأسمالية أو المالية، وأخيراً، وهو الأحدث، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وفي مملكة البحرين، وقبل أكثر من مئة عام، وبينما كانت الكثير من المجتمعات تفتقر إلى نظام تعليمي منهجي، انطلقت كوكبة من المؤسسين من أهل المحرق، من رجال الأعمال والوجهاء يتقدمهم المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالله بن عيسى بن علي آل خليفة، رئيس اللجنة الأهلية لتأسيس مدرسة الهداية الخليفية للبنين، حيث رصدت الحكومة آنذاك الجزء الأكبر من رأسمال المدرسة، وعاضدها الوجهاء والأهالي بباقي المبالغ لإنشائها، والتي رأت النور، بعد عام من انتهاء الحرب العالمية الأولى، وذلك في عام 1919م، كأول كيان تعليمي نظامي في البحرين ومنطقة الخليج العربي، على خلفية مجموعة من المحاولات الأهلية التي سبقت ذلك في بعض مناطق البحرين. بعدها بقرابة سبعة أعوام تم افتتاح المدرسة الثانية للبنين في المنامة. وفي عام 1937، كان هناك نحو ألف طالب في ثماني مدارس بنين، ثلاث مدارس في المنامة والمحرق وخمس في مختلف قرى البحرين.
ثم بعد عشرة أعوام من تأسيس أول مدرسة للبنين، تم افتتاح مدرسة خديجة الكبرى للبنات بالمحرق في العام 1928م، وبعد أعوام من العمل الجاد والمنظم، قاربت أكثر من ثلاثين عاماً، بلغ عدد مدارس البنات في عموم البحرين 13 مدرسة، وذلك في بداية النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي 1956، وكانت تضم نحو أربعة آلاف تلميذة و135 معلمة، منهن 94 خريجة من مدارس البحرين.
في عام 1960، ارتفع إجمالي المدارس إلى خمسين مدرسة، منها 34 للبنين، و16 للبنات، ثم ازداد بأكثر من مئة مدرسة بعد ثلاثين عاماً، إلى 155 مدرسة، منها 81 مدرسة للذكور، و74 مدرسة للإناث، ووصل مجموع الطلاب إلى 96 ألفاً في العام 1990م، تساوى فيها نصيب الطلبة والطالبات، وخلال هذه المئة عام، بلغ مجموع الطلاب 234 ألفاً، شكل الملتحقون منهم بالمدارس الحكومية 145 ألفاً، و89 ألفاً في المدارس الخاصة، في 265 مدرسة.
وبما أن البحرين، كانت رائدة في التعليم النظامي، نتج عن ذلك ريادتها في تخريج الكفاءات والكوادر المتخصصة والمميزة في جميع المجالات العلمية، والصناعية والتجارية والطبية والإدارية والمصرفية وغيرها من القطاعات ذات العلاقة، هذه الريادة أنتجت حماساً مستمرا ووعياً راسخاً بالأهمية الماسة لمواكبة تطورات مسيرة التعلم، ولا يزال شباب البحرين يلفت النظر ويستحوذ على إعجاب الجميع بوهج طموحه وشدة تمسكه بفرص التعلم المتاحة.