+A
A-

مناطق حزب الله تنتفض.. نساء الجنوب يقدن الحراك

كسرت انتفاضة 17 أكتوبر اللبنانية جدراناً كثيرة، بحسب ما يؤكد العديد من المحتجين المشاركين فيها، منها جدار القيود الطائفية، والتهويل بالحرب الأهلية، بالإضافة إلى جدار الخوف من سطوة حزب الله في الجنوب اللبناني.

ومن الظواهر التي ميّزت هذا الحراك الشعبي، وصوله إلى مناطق تعد معقلاً للثنائي الشيعي "حزب الله" و"حركة أمل"، حيث خرجت تظاهرات في الجنوب والبقاع مطالبة بإسقاط الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود وتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة من الأحزاب والتيارات السياسية.

ولعل الأبرز في الحراك في المناطق الشيعية المحسوبة على الثنائي "حزب الله" و"حركة امل" أن النساء هن من يقدن التظاهرات غير آبهات بالتهديدات التي قد يتعرّضن لها.

بعلبك.. معقل حزب الله

وتعليقاً على هذا الحراك، قالت سلوى الشمالي من حراك مدينة بعلبك في البقاع (شرق لبنان) لـ"العربية.نت": "لن نوقف الحراك قبل تحقيق المطالب التي باتت معروفة: حكومة تكنوقراط لا تكنوسياسية كما يروّجون، محاربة الفساد ومحاسبة المُفسدين واستعادة الأموال المنهوبة".

وتشهد ساحة المطران وسط مدينة بعلبك تظاهرات منذ الأيام الأولى على انطلاق الانتفاضة، ويعمد منظّمو الحراك كما تشير سلوى إلى إقامة ندوات ثقافية شبه يومية تتناول مختلف المواضيع التي تهمّ المنتفضين.

ولا تقتصر نشاطات الحراك على إقامة الندوات والحراك اليومي، إنما تنظيم مسيرات يشارك فيها طلاب المدارس والثانويات في المدينة في اتّجاه المؤسسات والمرافق العامة التي يعتبرها الثوار "بؤر فساد".

ورغم "سلمية" الحراك في المدينة، إلا أنه على ما يبدو فقد "أرق" الحراك الأحزاب المُسيطرة، أبرزها حزب الله الذي يتعاطى معه، وفقاً لبعض التصريحات، كعمل سفارات.

إلا أن القائمين على حراك مدينة بعلبك يصرّون على سلمية تحرّكهم وحقهم بالتعبير عن الرأي.

إلى ذلك، قالت سلوى "في كل يوم نتعرّض للتهديد، لاسيما من قبل الخارجين عن القانون الذين يطلبون منا فك الحراك، لكننا لا نهاب تهديداتهم ونحن مستمرون بحقّنا بالتعبير عن الرأي. أما عن اتّهامنا بالعمل لمصلحة سفارات، فنحن نموّل حراكنا بالاعتماد على بعضنا بعضا، إذ أنشأنا صندوقاً خاصاً لتمويل نشاطاتنا". وأضافت "استطعنا طيلة الحراك تسليط الضوء على مدينة بعلبك في وقت عجز نواب المنطقة عن ذلك لعقود. وهناك قسم كبير من أهالي المدينة يؤيّدون حراكنا وأبلغونا أنهم يتمنّون المشاركة معنا لولا الضغوط التي يتعرّضون لها".

وفي انعكاس لمشهد التلاحم بين المناطق وتخطّي حاجز الطائفية، أشارت إلى "أنهم كحراك في مدينة بعلبك سنُنظّم قريباً جولة في اتّجاه بلدة عرسال (ذات الغالبية السنّية) لنقول إن صوتنا ومطالبنا واحدة".

النبطية...مستمرة بالانتفاضة

وكما في بعلبك كذلك في مدينة النبطية جنوب لبنان التي تُعدّ من معاقل حزب الله، حيث انضمّت إلى انتفاضة 17 أكتوبر كاسرةً حاجز الخوف.

وتقول ميرنا إحدى منظّمات الحراك في المدينة الجنوبية ذات الغالبية الشيعية "رغم الكم الهائل من الضغوط من قبل حزب الله وحركة أمل، مستمرون بحراكنا حتى تحقيق مطالبنا".

وأمام هذا الإصرار الشعبي، أشارت ميرنا إلى "أن الممتعضين من حراكنا يرسلون لنا رسائل تهديد غير مباشرة إما عبر تطبيق "فيسبوك" أو من خلال أصحاب العمل كي يُهددونا بالطرد إذا واصلنا الحراك".

ونُظمت في النبطية، السبت، مسيرة نسائية في اتّجاه دوّار كفرمان لتسليط الضوء على مطالبهن، لاسيما إقامة دولة مدنية تسنتد إلى مبدأ المساواة والعدالة بين أبنائها. وقالت ميرنا "مطالبنا واضحة. نريد حكومة تكنوقراط وإسقاط الطائفية السياسية".

وشهدت مدينة النبطية في بداية الانتفاضة جولات عنف ضد المتظاهرين كان أبطالها مناصرين لـ"حزب الله" و"حركة أمل" أدّت إلى استقالة عضوين من البلدية بسبب رفضهما العنف المُفرط ضد المتظاهرين.

كما أوضحت ميرنا قائلة "نتعرّض بين الحين والآخر لمضايقات واستفزازات إلا أننا مستمرون بحراكنا، ونصبنا خيمة في ساحة الاعتصام تحسّباً لفصل الشتاء رغم معارضة البلدية لذلك".

وفي مدينة صور الجنوبية جارة النبطية، المشهد لم يتبدّل وعزيمة المنتفضين هي نفسها. لا خروج من الساحة قبل تحقيق المطالب.

وفي هذا السياق، قالت منى المشاركة في حراك صور لـ"العربية.نت": "مستمرون رغم الضغوط لأن مطالبنا محقّة، ونريد دولة مدنية يحكمها القانون ويسود فيها منطق تكافؤ الفرص والمساواة".

ولفتت إلى "أن حزب الله وحركة أمل يمارسان شتّى أنواع الضغوط لترهيبنا، حتى إنهم "يتفنون" في أساليب الضغط عبر الطلب من أصحاب العمل بتهديدنا بالطرد إذا واصلنا الحراك". وقالت "نريد انتخاب شخص على أساس برنامجه الانتخابي وليس انتمائه لأحزاب دينية ميليشياوية".

كما أكدت "حطّمنا حاجز الخوف، وأعدادنا تتزايد رغم الترهيب والتهديد".

يذكر أنه لم يُسجّل عنف حقيقي في احتجاجات اللبنانيين إلا عندما هاجم أنصار حزب الله وحركة أمل مسلّحين بالعصي المتظاهرين العزل في ساحات الاعتصام في وسط بيروت، وعندما هاجم أحد أنصار التيار الوطني الحر الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل المحتجين في منطقة جل الديب بسلاحه الحربي، وأخيراً عندما سقط علاء أبو فخر أول شهيد للثورة في خلدة برصاص مرافق أحد ضباط المخابرات اللبنانية.