+A
A-

الحمدان يتحدث عن توظيف التقنيات البصرية في المسرح

شارك الناقد المسرحي يوسف الحمدان في فعاليات المنتدى العلمى للفنون والإعلام واتجاهات المستقبل، والذى أستمر 4 أيام، بمشاركة 8 دول عربية، شملت دول مجلس التعاون الخليجى، والأردن، والمغرب، حيث قدم الحمدان ورقة بحثية بعنوان " توظيف التقنيات البصرية والرقمية في المسرح" أستعرض فيها بشكل مسهب التقنيات البصرية في المسرح ، وفيما يلي تنشر " البلاد" أبرز ما جاء في الورقة .

يؤكد الحمدان إنها هيمنة الصورة وطغيان تقنياتها البصرية والرقمية ، بما فيها وسائط التلفزيون والسينما والملتميديا ووسائل التواصل الاجتماعي والغرافيك والفوتو شوب وكل المعطيات الرقمية النووية الهائلة ، إذ كل المؤشرات توميء أو تشير بأن الكائن البشري سيتحول رقما في ترس الماكينة المعلوماتية التكنولوجية الضخمة الهائلة ، فبقدر رغبة هذا الكائن العارمة في السيطرة على هذه الآلة الجهنمية الضخمة ، بالقدر نفسه وأضعافه هي رغبة هذه الآلة على تحويل كل اهتمامات هذا الكائن نحوها ، بحيث يصبح أسيرا لمغرياتها ومغوياتها السريعة النووية التحول والتغير والتأثير.



وإذا وقفنا على التلفزيون والسينما بوصفهما فنين أو وسيطين هما نتاج أو صنو هذه التقنيات البصرية ، فكيف يكون الحال عليه في فن المسرح بوصفه فنا حيا ، رأس ماله الحقيقي والفعلي الممثل وأفضية العرض بشتى أنواعها وأشكالها ؟ كيف يستطيع هذا الفن الحي أن يستثمر هذه التقنيات ويوظفها في عروضه دون أن تلغي أو تهمش كيانه بوصفه واحدا من أهم الفنون وأقدمها تأثيرا وتواصلا مع  المجتمع ؟
طبعا لم يكن المسرح بمعزل تام عن استثمار وتوظيف مثل هذه التقنيات في عروضه المسرحية ، ولعل بداية التحديات كانت مع الرسام والنحات والإيطالي ليوناردو دافنشي الذي سبقت اكتشافاته اختراع التلفزيون والسينما ، وذلك عام 1518 عندما أوجد حلولا تقنية لأوبرا أسطورة أورفيوس ، وذلك من خلال تصميمه خشبة مسرح ميكنية تستوعب وتحرك مختلف المناظر المعقدة المتعددة في الأوبرا وتغير مستوياتها من خلال مصعد يرفع من تحت الخشبة إلى أعلى ليشكل بذلك قببا وكنائس وجبال .
 
ويضيف الحمدان ..ولنا أن نشير إلى تجربة خليجية عربية تأثرت بالإتجاه التسجيلي الوثائقي لبيتر فايس ، وإن منحت مضمونها بعدا فنيا جماليا مختلفا ، وأعني بها تجربة الناقد والكاتب الكويتي الدكتور علي العنزي في نصه ( اسفار الموت والمقاومة ) وهي واحدة من النصوص المسرحية التي استوقفتني لأهميتها الوثائقية أولا ، خاصة وأنها تناولت قضية عشناها وشغلتنا وأرقتنا خليجيا وعربيا

ألا أن المنعطف الحقيقي والذي تمكن من أن يحدث ثورة في مجال هذه التقنيات البصرية كان مع المخرج الأمريكي روبرت ويلسون ومن التجارب المسرحية العالمية التي أتيحت لي فرصة مشاهدتها ضمن مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما ، تجربة الممثلة المخرجة الحائزة على جائزة كازانوفا للمونودراما ، الليتوانية بيروتي مار ، التي تمكنت في مسرحيتها أنتيجون أن تجعل من المسرح فضاء ملتيميديا رقميا هائلا ، تبدو فيه كنقطة صفرية تائهة وهي تبحث عن قرارها الكوني في مواجهة هذا العصر ، ولتصبح هذه التقنية جزءا لا يتجزأ من كيانها البشري الوجودي  

ثم يتحدث الحمدان عن علامات الجسد البصرية فيقول .. تتعدد علامات الجسد البصرية بتعدد رؤى المخرجين ، ومن بين من أولى هذه العلامة أهمية كبرى في تجاربه المسرحية ، المخرجة الشابة المغربية أسماء الهوري في مسرحيتها " خريف " ، والتي تمكنت من أن تجعل من خزانة العرض كادرا سينمائيا تتعدد فيه الدلالات الجسدية وتختزل فيه القضايا التي يقترحها العرض على فضائه المسرحي وعلى المتلقي وقد سبقه في الاشتغال على مونتاجية العرض المخرج الكويتي فيصل العميري في مسرحيته ( صدى الصمت ).

إن التقنيات البصرية والرقمية الهائلة أسهمت دون أدنى شك في إشعال وتأجيج خلايا المخيلة إلى أقصى مدياتها لدى المشتغلين في حقل المسرح ، ومن هنا ينبغي استثمارها وفق معطيات التجربة المسرحية تجنبا للخلط العشوائي بينها وبين هذه المعطيات ، واستثمارها أيضا بوصف المسرح أيضا قادرا على مدها بطاقته التخيلية فسحا أكثر وأكبر من شأنها أن تكون هي من منتجاته وابتكاراته وليس العكس ، وليس معادلا موازيا موضوعيا له .

وأخيرا طرح الحمدان عدة أسئلة مقلقا للرأس وهي : كيف يمكننا أن نشكل من هذه العلائق الحية والبصرية اتجاها أو اتجاهات مسرحية لها مؤسسوها ومبدعوها كما هو الحال مثلا لدى روبرت ويلسون ومن سبقه من المؤسسين من أمثال بيتر فايس وأرفين بيسكاتور ؟

متى نستطيع أن نخرج من الحالة الوظيفية الطارئة لهذه التقنيات والتي يقتضيها هذا العرض دون ذاك ؟

متى يتمكن مخرجونا من المسك بتلابيب هذه التقنيات والتحكم فيها بوصفها عناصر تنتمي لكونهم المسرحي أولا وأخيرا ؟

متى تتحول هذه الأصفار الرقمية كائنات حية لا تدع المجال واسعا أمام من يتحكم بها في ملعبه بوصفها بيادق للعبة الإلكترونية الشائعة ؟

كيف يصنع المسرح تقنياته البصرية وليس العكس ، حيث لا تزال الاستعارة ماثلة بقوة في أغلب التجارب التي تستخدم التقنيات البصرية ؟

متى تجد هذه التقنيات البصرية والرقمية الهائلة موقعا فعليا لها في أكاديمياتنا المسرحية والفنية وليس هامشيا ؟

متى ندرك ان جيل الأصبع للمسرح بالمرصاد ؟

أسئلة تروم التأسيس لوهج اتجاهي خلاق في المسرح ومغاير في كل معطياته عن من سبقه من المؤسسين لاتجاهات مسرحية سابقة