العدد 3937
الجمعة 26 يوليو 2019
banner
علم الجمال الصناعي
الجمعة 26 يوليو 2019

يطلعنا تاريخ الفن أن لكل شعب من الشعوب مثله الأعلى الذي تنعكس صورته في الفن والروائع الفنية، فإذا كان الفنان المصري القديم قد عبر عن جمال الخلود الإنساني، فإن الفنان الآشوري كان يهتم بالتعبير عن جمال القوة البشرية، ويمنحنا الجمال أرفع متعة بل لعلها أدوم متعة تسر الطبيعة الإنسانية، وكان “شوبنهاور” يعتبر شعور الإنسان بالجمال أرقى ما تحظى به النفس، ومن أشعار “كيتس” أن الجميل مصدر متعة على الدوام، فالجمال يبعث الغبطة الجمالية في نفوسنا، ويحررنا من الألم النفسي الذي يصيبنا، وفي تأمل الجمال الفني ما يساعدنا على التحرر من رغباتنا المكبوتة لنجد راحة نفسية ونتمتع بغبطة جمالية، فالجمال يوقظ العقل بواسطة الحواس، وينبه فيه الملكات الواعية، ويكشف النقاب عن الحقائق التي كانت النفس تجهلها مما يسهم في جعل الإنسان يكتسب معارف جديدة بالحياة التي يحياها.

وجد الإنسان الجمال في الأشياء المفيدة، مع أن الشيء المفيد لا يثير فينا مشاعر جمالية، لكن الجميل جميل سواء كان مفيدا أم غير مفيد، فهو جميل لأنه مرغوب، وهو غاية في ذاته دون تصور أية فائد، وأخذت الشركات في هذا العصر تسعى إلى تجميل ما تصنع، وتزيين ما تنتج، ما أسهم في نشوء علم الجمال الصناعي، فكل شركة تتحدى الأخرى في عملية تجميل بضائعها بدءا من القرطاسيات إلى السيارات والطائرات وغيرها، لأن الإنسان المعاصر جعل الشيء المفيد شيئا جميلا، والشيء الجميل مفيدا.

الهندسة ظهرت نتيجة حب الإنسان الجمال واعتقاده بأن الجمال يستند إلى قيم رياضية حدد الفنان نسبها، وأن الجمال يعتمد على كم معين ونسق محدد، فجمال الرقص بأنواعه يقوم على صحة ومدى تقيد الإنسان بقواعده وإعداده، كما أن جمال الألعاب كلعبة السيف مثلا يرتكز على مراعاة اللاعبين الإعداد في خطواتهم وتحركاتهم، وبحث الإنسان طويلا للكشف عن سر جمال الأشكال حتى وصل أخيرا إلى اكتشاف ما يسمى بالرقم الذهبي.

وامتازت تماثيل النحات الإغريقي القديم بمراعاة نسبة محددة لكل جزء من أجزاء الجسم الإنساني، ما أتاح لهم اكتشاف مثالية الجسم الإنساني، ونعتقد أن خطنا العربي يعتمد في جماله على مراعاة نسب أبعاد امتداد حروفه وفق عدد من النقاط يحدد امتداد كل حرف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية