العدد 3891
الإثنين 10 يونيو 2019
banner
وثيقة كامبل بانرمان
الإثنين 10 يونيو 2019

لم تكن هزيمة الخامس من يونيو وليدة عام 1967م بل كانت من ثمرات اتفاقية (كامبل بانرمان) التي وضعها مؤتمر عقد في لندن واستمرت جلساته من (1905م ــ 1907م) بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين وبمشاركة الصهيونية العالمية وبريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا وإيطاليا، وذلك لإيجاد آلية تحافظ على مكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن، والنتيجة كانت وثيقة (كامبل بانرمان) تيمنا برئيس الوزراء البريطاني آنذاك (هنري كامبل بانرمان).

ويعتبر المؤتمر أسوأ وأخطر مؤتمر حصل لتدمير الأمة العربية وعمل تاليًا على تحقيق الكثير من المشاريع التي ساهمت في تراجع النهضة العربية وعدم استقرار المنطقة العربية، ومن توصياته تشكيل لجنة استعمارية لتحقيق الأهداف التوسعية في آسيا وأفريقيا وضمت العديد من السياسيين وعُلماء الآثار والتاريخ والاقتصاد والجغرافيا والنفط وغيرهم، واستنتجت اللجنة أن مصدر الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية يَكمن في الأمة العربية خصوصا بعد أن أظهر الشعب العربي يقظة سياسية ووعيًا قوميًا ضد التدخل الأجنبي والهجرة الصهيونية بفضل امتلاك الشعب العربي عوامل القوة والوحدة والانبعاث بيقظته وموقعه وثرواته وعدد سكانه.

وقام المؤتمر بتفكيك وتجزئة الوطن العربي وجعله متأخرًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وتعليميًا، ليكون خاضعًا وتابعًا للدول الأوروبية، وفصل الجزء الإفريقي العربي عن جزئه الآسيوي وإقامة الدولة العازلة في فلسطين، وذلك لإيجاد تصادم حضاري بتفوق الدول الأوروبية وحرمان الأقطار العربية من اكتساب المعارف والعلوم التقنية، ومحاربة أي توجه تحرري ووحدوي لإبقاء العرب في حالة من الضعف والتشتت والضياع.

استطاع الغرب أن يُحارب العرب في ترابهم وثرواتهم وأديانهم ومذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية القومية، هذه الأفكار التي كانت ملاذًا للعرب في تحقيق الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية، كانت الأمة العربية الأمة القائدة للعالم، فحررته من عبادة الإنسان لأخيه الإنسان، وأخرجته من الظُلمات إلى النور، وتزينت تلك الأمصار بأفضل ما توصلت إليه الأمة العربية من العلوم والمعارف الإنسانية، ولننظر أين كنا وأين وصلنا.

كان ذلك المؤتمر البداية والخيط الذي ربط مصالح الغرب في بلاد العرب، فضاعت أجزاء عربية كثيرة، وحارب العرب العدو الصهيوني ولم يتحقق لهم نصر عليه بفضل الدعم الأميركي والأوروبي للصهاينة وتشتت الأقطار العربية سياسيًا وضعفها اقتصاديًا، وبغياب القدرة على التحكم في ثرواتها. ومازالت الأمة العربية ساخنة ميدانيًا ومتوجعة سياسيًا ومتراجعة اقتصاديًا واجتماعيًا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .