+A
A-

مدرعات تركيا تتغلغل في إدلب.. والعين على كسب التنازلات

فيما يؤكد مسؤولون من المعارضة السورية المسلحة أن أنقرة، تحاول حماية سكان إدلب وريفها من هجمات النظام السوري، يبدو هذا الأمر ضرباً من الخيال، سيما وأن موسكو صعدت منذ أواخر شهر شباط/فبراير الماضي، من غاراتها الجوية على ريف المدينة الواقعة شمال غربي سوريا، بالتنسيق مع أنقرة. وأسفر ذلك عن مقتل وجرح عشرات المدنيين من سكان المنطقة، بالرغم من وجود 12 نقطة مراقبةٍ تركية فيها.

وتبدو المهمة الأبرز لعشرات فصائل المعارضة السورية المسلّحة المدعومة من أنقرة، في الوقت الحالي، "مرافقة المدرعات التركية وهي تتجول بريف إدلب، للمحافظة على سلامة الجنود الأتراك"، وفق ما أفادت مصادر مطّلعة لـ "العربية.نت".

وتغرق إدلب وريفها بالفوضى في ظل سيطرة "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر منها، بينما ترفرف أعلام تركيا فوق بعض مراكزها.

وتساهم "النصرة" التي تورطت تركيا في دعمها رغم تصنيفها لها كمنظمة "إرهابية"، أواخر شهر آب/اغسطس الماضي، بحماية ممراتٍ ومعابر غير شرعية، فتحتها تركيا على حدودها الجنوبية مع إدلب.

وتستغل تركيا ومعها حلفائها من المعارضة المسلحة على الأرض، هذه المعابر، للاستفادة منها في عمليات التهريب بين تركيا وسوريا. وتستخدم لمرور مختلف السلع بين البلدين، عبر هذه الممرات، وأبرزها الوقود الّذي يدخل تركيا من الجانب السوري.

ويوم أمس عبرت 10 مدرعاتٍ عسكرية تركية، إلى الطرف السوري، كان برفقتها ما لا يقل عن 50 عنصراً من الجنود الأتراك، بحسب مصادر ميدانية تحدّثت معها "العربية.نت".

ووفقاً لهذه المصادر، فإن الدوريات التركية، كانت برفقة عناصر من فيلق "الشام" وهو أحد فصائل المعارضة السورية المسلّحة والمتحالفة مع الجبهة الوطنية للتحرير، المدعّومة عسكرياً ولوجستياً من أنقرة التي تسيطر بالفعل على مساحاتٍ كبيرة شمال سوريا، تمتد من مدينة جرابلس شرقاً، وصولاً لإدلب غرباً.

ودخل الجنود الأتراك مع مدرعاتهم إلى الأراضي السورية، عبر معبر "خربة الجوز" الحدودي، وهو معبر غير رسمي، يستخدم غالباً لمرور الآليات التركية والجنود الأتراك، بالإضافة لاستخدامه كمنفذٍ لتهريب البضائع.

واتجهت الآليات التركية بعد ذلك نحو بلدة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، واستقر عدداً منها في قرية "اشتبرق" بريف البلدة، وتابعت عبر طريق قرية "قرقور" باتجاه منطقة سهل الغاب، حيث نقطة مراقبة تركية في قرية "شير مغارة".

وتلا ذلك وصول رتلٍ تركي عسكري آخر من هذه الأرتال، لمدينة "خان شيخون" الواقعة على طريق حلب ـ دمشق الدولي، حيث تجوّلت في المدينة حتى وقتٍ متأخر فجر الاثنين.

كما دخل رتل تركي عسكري آخر أيضاً عبر معبر "كفر لوسين" غير الشرعي بريف إدلب الشمالي.

وتعد هذه المرة الأولى، التي تسير فيها دوريات أنقرة بشكلٍ رسمي بآلياتها العسكرية وكامل عتادها داخل عمق محافظة إدلب، برفقة جنودها، بعد عدّة جولاتٍ استطلاعية منها، في السابق على حدودها الجنوبية مع إدلب، ضمن الأراضي السورية.

وتحاول فصائل مدعومة من أنقرة، تصوير الأمر "كخطوةٍ اعتيادية" و "ربطها بنقاط المراقبة التركية ومهامها في ريف إدلب"، بينما تشير مصادر مطلعة إلى أن "تجول الدوريات التركية في عمق المحافظة، سيتكرر باستمرار بعد الآن".

وقال العقيد ناجي مصطفى، الناطق الرسمي باسم الجبهة الوطنية في اتصالٍ هاتفي مع "العربية.نت" إن "دخول الدوريات التركية لعمق إدلب، هو تطبيق لبند قديم في اتفاق سوتشي لم يُطبق في السابق والآن بدء الجانب التركي بتطبيقه".

في الوقت عينه، نفت مصادر مطلّعة أن "يكون الهدف التركي، من هذه الدوريات، الفصل بين مناطق المعارضة المسلحة والفصائل المتشددة"، باعتبار أن "تنظيمي النصرة وحراس الدين، هما الوحيدان اللذان يسيطران على الأجزاء الأكبر من إدلب وريفها"، في وقتٍ خسرت فيه المعارضة معظم مناطق سيطرتها.

وكشفت المصادر أن "أنقرة تحاول من خلال هذه الدوريات الضغط على الجانب الروسي، لكسب مزيد من التنازلات، بعد إصرار موسكو السيطرة على طريق حلب ـ دمشق الدولي، والّذي تصل إليه الدوريات التركية".

ويعتقد الصحافي حازم داكل الّذي ينحدر من إدلب ويتابع الوضع فيها عن كثب إن "الهدف من دخول المدرعات التركية بهذا الشكل العلني لعمق إدلب، هو تصوير الترحيب الّذي يقوم به بعض سكان هذه المنطقة، للاستفادة منه لاحقاً".

ويضيف في اتصالٍ مع "العربية.نت": "طالما يحظى الجنود الأتراك بهذا الترحيب، فهذا يعني أنهم لن يخرجوا من إدلب مستقبلاً".

ويتابع أن "هذا الترحيب يذكّرنا بما فعله الروس، في القرم، حين قررت فصلها عن أوكرانيا بعد ما استقبل الناس الجنود الروس بذات الطريقة التي يستقبل فيها بعض السوريين الجنود الأتراك كفاتحين في إدلب".

وبحسب داكل، فإن النقاط التركية الموجودة في ريف إدلب، ليس من مهامها منع القصف أو ضمان نجاح اتفاق سوتشي، بل منع قوات المعارضة من تنفيذ هجماتٍ ضد النظام وحليفه الروسي، وهو "أمرٌ نجح فيه الجانب التركي 100%" على حدّ قوله.

واستقرت دوريات تركية، ببلدة مورك الواقعة بريف حماة بعد خروجها من مدينة خان شيخون، مساء أمس.

ومنذ يوم الأحد، ينتظر الجنود الأتراك "أوامرهم" بالتوجه لمدن أخرى بريف إدلب، "لذا استقروا في هذه النقطة"، بحسب مصادر ميدانية تحدّثت معها "العربية.نت".

ولم تمنع هذه الدوريات، نظام الأسد من مواصلة قصفه العنيف بالمدفعية الثقيلة على قرى وبلداتٍ بريف حماة، منذ ليل أمس.

وطالت عمليات القصف بلدة مورك التي يتمركز فيها عشرات الجنود الأتراك.

وتتزامن هذه التطورات، مع فتح أول ممرٍ يربط بين مناطق تسيطر عليها قوات "دراع الفرات" المدعومة من أنقرة، ومناطق سيطرة قوات النظام، شرقي حلب.

ويتمركز الجنود الأتراك في 12 نقطة مراقبة تركيّة تتوزع في ريف إدلب، منذ اتفاق سوتشي المبرم بين موسكو وأنقرة في 17 أيلول/سبتمبر الماضي، مقابل 10 نقاطِ روسية فقط.

وخسرت الجبهة الوطنية للتحرير، أغلب مناطق سيطرتها بإدلب وريفها بعد صراعٍ دموي مع عناصر "النصرة" استمر لأيام، بداية العام الجاري، رغم تعداد مقاتليها الّذين يصل عددهم لنحو 70 ألف مقاتل بحسب ناطقها الرسمي.

وأعلنت "النصرة" منذ بداية اتفاق سوتشي، "رفضها وعدم التزامها به"، مؤكدة "مواصلة محاربة قوات الأسد"، رغم محاولات أنقرة حثّها على القبول بذلك الاتفاق.