العدد 3717
الثلاثاء 18 ديسمبر 2018
banner
سؤال 2019 (1)
الثلاثاء 18 ديسمبر 2018

في وقت تشرف فيه السنة 2018 على نهايتها، يظهر أنّ حالة الضياع تعمّ العالم أكثر فأكثر، فلم تعد هناك قواعد تتحكّم لا بما يدور داخل الدول نفسها ولا بالعلاقات في ما بين الدول، لكنّ الأخطر من ذلك كلّه، على الصعيد الإقليمي، هو ظهور مدى قدرة الميليشيات المذهبية على التحكّم بمصير دول عربية معيّنة في خدمة المشروع التوسّعي الإيراني.

في عام 2017 تكرّس وجود الميليشيات المذهبية التي تدور في فلك إيران في غير دولة عربية، في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ويمثّل العراق مثلاً صارخاً على الانطلاقة الجديدة للمشروع التوسّعي الإيراني وذلك في ضوء الاجتياح الأميركي للبلد في العام 2003، في عهد جورج بوش الابن، وتسليمه العراق على صحن من فضّة إلى إيران، فاق الفشل الأميركي في العراق كلّ تصوّر، نظراً إلى أن إدارة بوش الابن لم تكن تمتلك تصوراً سياسياً واستراتيجياً واضحاً لمرحلة ما بعد إسقاط نظام صدام حسين من جهة والنتائج التي ستترتب على حلّ الجيش العراقي من جهة أخرى، ولا يزال التصرّف الأميركي تجاه العراق لغزاً لا يجد من يشرح خباياه.

لم يعد سرّاً أن هذه الميليشيات الإيرانية تقف عثرة أمام اكتمال تشكيل الحكومة العراقية برئاسة عادل عبدالمهدي، ولم يعد من خيار آخر أمام عبدالمهدي سوى اختيار فالح الفياض وزيراً للداخلية على الرغم من كلّ ما يمثله الرجل على صعيد نقل التجربة الإيرانية إلى العراق، ففالح الفيّاض هو زعيم ميليشيات “الحشد الشعبي”، وليس “الحشد” سوى مجموعة من الميليشيات المذهبية التي تعمل لدى إيران، ولعبت هذه الميليشيات دورها في كلّ ما من شأنه ترسيخ الشرخ المذهبي في العراق وصولاً إلى فرض الفيّاض وزيراً للداخلية، كيف يمكن لزعيم مجموعة من الميليشيات ارتكبت كلّ أنواع التطهير، من منطلق شيعي - سنّي أن يكون وزيراً للداخلية؟ عندما يعترض مقتدى الصدر على توزير زعيم مجموعة من الميليشيات يصبح الرجل على حقّ، تصبح مغفورة له كلّ خطاياه بما في ذلك تلك التي ارتكبها في مرحلة معيّنة كان فيها في الحضن الإيراني، يبدو ردّ فعل مقتدى الصدر الذي تقدّم حزبه الأحزاب الأخرى في الانتخابات الأخيرة رداً سليماً. هناك رجل دين عراقي ينتمي إلى عائلة عربية بارزة تحوّل إلى ما يشبه حصناً أخيراً يقف في وجه تعميم تجربة “الحرس الثوري” الإيرانية كي لا تكون في العراق سلطة أخرى غير تلك التي تمثلها مؤسسات الدولة، ولا يزال في العراق من يرفض أن تكون الدولة تُدار من طهران، رفض حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق المنطق الإيراني، وأعلن بطريقة أو بأخرى أن العراق سيراعي مصالحه أوّلاً عندما يتعلّق الأمر بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران، ودفع العبادي ثمن موقفه من إيران ولا يزال إلى الآن يدفع هذا الثمن.

في غياب الاعتراض على ما تقوم به، تعتقد إيران أنّ في استطاعتها الذهاب إلى ما لا نهاية في إخضاع العراق، حيث سيسهل نقل تجربتها بوجود أحزاب على رأسها شخصيات من نوع معيّن، إنّها شخصيات قاتلت مع إيران ضدّ العراق في الحرب التي دارت بين 1980 و1988 وانتهت بشبه انتصار عراقي خلق حقداً إيرانياً لا حدود له على كلّ ما هو عربي وعراقي. “المستقبل”.

يمثّل العراق مثلاً صارخاً على الانطلاقة الجديدة للمشروع التوسّعي الإيراني وذلك في ضوء الاجتياح الأميركي للبلد في العام 2003، في عهد جورج بوش الابن، وتسليمه العراق على صحن من فضّة إلى إيران.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية