العدد 3717
الثلاثاء 18 ديسمبر 2018
banner
الحكومة والقطاع الخاص
الثلاثاء 18 ديسمبر 2018

كثيرون ينتظرون الأماني وقد تحققت مع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الأب الرئيس، وكثيرة هي الملفات التي تثقل كاهل الحقائب الملتهبة، وتؤرق مخادع المسؤولين، لكنها لحظة التاريخ عندما تريد أن تفرض سطوتها على الإنسان، وهيبتها على المكان، فيصبح المطلب الشعبي حاضرًا بقوة الدستور والقانون، كما تصبح الرغبة العارمة للوفاء بالمتطلبات أملًا يُرتجى في جميع الأحوال.

مطالب الناس متراكمة وكثيرة، أهمها “حالة التقاعد”، وأكثرها أهمية البحث عن مصادر جديدة لتنويع وتعظيم الدخل، وأهمها في المضمار ذاته ذلك التوازن المالي الذي تم وضع برنامج شامل له “قبل قليل”.

بالنتيجة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه يدرك حجم التحديات، يعرف أكثر من غيره طبيعة المرحلة التي يمر بها الوطن والتي تتطلب زعيمًا جسورًا وشعبًا غيورًا ووزراء على نفس الشاكلة ومن نفس “الطينة”، وفي عمق الطريق.

نحمد الله ونشكر فضله أنه حبانا برئيس قادر على قراءة جميع الملفات بخبرة السنين، ويمتلك من الإرادة الوطنية، وبراعة الحكماء ما يمكنه من تثبيت دعائم الدولة الحديثة التي خرجت من رحم المشروع الإصلاحي الكبير لجلالة الملك.

سموه يعرف قبل غيره أن يدًا واحدة لا تصفق وأن الحكومة لا يمكن أن تحقق وحدها كل شيء للناس، لذلك لم يكن غريبًا على سموه أن يطالب مرارًا وتكرارًا بدور أكبر للقطاع الخاص في عملية البناء والتنمية، بمساهمات أشمل في هيكلة الاقتصاد القائم على التنوع والرافض للاعتماد على مصدر وحيد للدخل.

في الماضي فتشنا عن المصارف فكان لها الريادة في بناء اقتصاد قائم على تيسير حركة الأموال بين الشرق والغرب، وفي تحويل المملكة بأسرها إلى مركز مالي عالمي مازال يُشار إليه بالبنان، تعاظمت المداخيل، تنوعت مصادر الإيرادات، وتم توظيف الغالبية الساحقة من الخريجين بل والوافدين من كل “فج عميق”.

بمرور الزمن أصبح الاقتصاد القائم على المعرفة وتكنولوجيا المعلومات مهيمنًا على مفاصل الدولة الجديدة، هو المعادل الموضوعي لحاجات السكان المتزايدة، وإمكانات البلاد المحدودة.

كان لزامًا علينا أن ننطلق بقوة التعليم الجامعي الخاص على اعتبار أنه حصان طروادة الذي يمكنه إنقاذ ما يمكن إنقاذه، كان من المفترض علينا أن نفكر في دخل قومي بحلة قشيبة جديدة وبقيمة مضافة أعلى لا ترتدي أزياء قديمة.

الإشارات كلها جاءت من الأب الرئيس وهي تحمل بشارة عدم الاعتماد على الحكومة منفردة على عباءة الشمولية بفكرها الأحادي المنقوص حيث الاعتماد على القطاع الخاص في تشييد جامعات أهلية قد سبق الرؤية بتقوى التوجيه الملكي السامي الذي تضمنه ميثاق العمل الوطني في فصله الأول ليصبح بذلك الحصان المتقدم على جميع الأولويات.

وبالفعل تسابق رجال الأعمال والأكاديميون، البحرينيون منهم والخليجيون، على تأسيس أكثر من 12 جامعة خاصة في مملكة البحرين، حيث كُنت ومازلت أشرف على تأسيس أول جامعة خاصة من بينها هي الجامعة الأهلية.

وفقًا للأرقام، والإحصاءات، والدراسات الأكاديمية فإن النتائج التي توصلت إليها مراكز بحثية جامعية متخصصة تكشف أن قطاع التعليم الجامعي الخاص لو تم توفير الاعتمادية المنضبطة له، والفرص التسويقية الحكومية المعتبرة لبرامجه في دول المنطقة فإنه قد يضخ أكثر من ملياري دينار بحريني في شرايين الاقتصاد الوطني سنويًا، من دون الحاجة إلى الضغط أكثر على الحكومة، أو تركها للحسابات الصعبة بفعل الحاجات المتزايدة للسكان والإمكانات المحدودة في الميزانية، حكومة جديدة ينتظر المواطن منها الكثير، حكومة جديدة ليست على الوطن بكثير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .