+A
A-

مؤتمر (المشاركة السياسية للمرأة) يختتم أعماله

 بحضور صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، اختتم المجلس أعمال المؤتمر الدولي "دور المشاركة السياسية للمرأة في تحقيق العدالة التنموية: تجارب عملية .. وتطلعات مستقبلية" الذي أقيم في 14- 15 نوفمبر بمملكة البحرين بمشاركة جمع رفيع من القادة والمسئولين والخبراء والأكاديميين من داخل البحرين وخارجها. 

وأكد المشاركون في المؤتمر أن حرص صاحبة السمو الملكي على حضور جميع فعالياته وجلساته على مدى يومين ومتابعة سموها الحثيثة لمحاور النقاش والتفاعل مع المتحدثين والمشاركين، إنما يثبت مرة أخرى جدية الإرادة السياسية في مملكة البحرين في مجال دعم المرأة والحرص على رفع مشاركتها في جميع المجالات وفي مجال العمل السياسي تحديدا، ويؤكد أيضا حرص البحرين على إتاحة أوسع مجال ممكن أمام دول العالم للاستفادة من تجربة المملكة في مجال نهوض المرأة، جنبا إلى جنب مع المضي قدما في تطوير هذه التجربة اعتمادا على أفضل الممارسات العالمية في هذا السياق وبما يتناسب المجتمع البحريني.

وتضمن اليوم الختامي للمؤتمر ثلاثة جلسات عمل قدم المتحدثون فيها عصارة خبرتهم وتجاربهم في قضايا المرأة المختلفة في دول متعددة حول العالم، ورؤيتهم للجهد العالمي الساعي إلى دعم المرأة ورفع نسبة تمثيلها في البرلمان تحديدا.

وقدمت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة سعادة الأستاذة هالة الأنصاري رؤية مستقبلية من عدة محاور في مجال عدد من قضايا المرأة حول العالم، وذلك خلال جلسة أقيمت في ختام المؤتمر.

وأكدت الأنصاري ضرورة إعادة النظر فيما يتم اقتراحه من تدابير مؤقتة يقال إنها ترمي لرفع حضور المرأة في الشأن العام، مؤكدة أهمية إعطاء الدول حرية اختيار ما يناسبها من تلك المعايير، وقالت "الدليل على ذلك هو أن المنظمات الدولية المعنية برصد تقدم المرأة لا زالت تستخدم معايير بعضها غير عادل وغير فعال، وتتجاهل مؤشرات مهمة"، مؤكدة ضرورة أن تراعي تلك المعايير خصوصية كل دولة والإرادة الشعبية فيها، وقالت "لم نلحظ أن التقارير الدولية مثلا رصدت صدور قانون الأسرة البحريني، كما أن تلك التقارير لم تلحظ دور عضو مجلس النواب البحريني الداعم لقضايا المرأة والأسرة مثلا".

ولفتت إلى أنه باتت الحاجة ملحة لقيام المجتمع الدولي بإعادة النظر في طريقة متابعته لتقدم المرأة في مجال المشاركة السياسية، وبما يراعي خصوصية المجتمعية المرتبطة بعوامل كثيرة من بينها تطوير التجربة السياسية بشكل عام، وليس المرأة على وجه التحديد.

وأكدت الأنصاري أهمية رصد طبيعة التحولات التي تشهدها الآليات الوطنية المطبقة لدعم المرأة، لافتة إلى أن هذه الآليات بحاجة لتطوير دائم في المنطقة العربية، وقالت "وصلنا إلى مرحلة لا نستطيع أن نكرر ما قلناه في إعلان بكين الخاص بالمرأة في العام 1995، ويجب أن نرتقي بأداء ودور هذه الآليات من أجل  ضمان نهوض المرأة وحتى نكون مستعدين للإعلان العالمي القادم عام 2020".

وفي إطار التطلعات المستقبلية ذاتها، أكدت الأنصاري أهمية توفير منصات دائمة يتم من خلالها تبادل الآراء والأفكار والخبرات بين جميع الدول في مجال دعم المرأة، بما يسهم في تسريع الوصول للنتائج المنشودة من ذلك الدعم.

بدورها أكدت سعادة الأستاذة سميرة رجب المبعوث الخاص بالديوان الملكي أن موضوع الحقوق التي يجب أن تتمتع بها المرأة هو موضوع جدلي حتى في المجتمع الغربي، مشيرة إلى أن المرأة البحرينية تتمتع بحقوقها المدنية والسياسية كاملة، وقالت إنه ليس هناك خلل في حقوق المرأة البحرينية، وإنما قد يكون هناك خلل في الممارسات، حيث نرى أن المرأة قد تعزف أحيانا عن ممارسة بعض حقوقها، واعتبرت أن دخول المرأة في المعترك السياسي لا يحتاج تعليم وشهادات أكاديمية بقدر ما يحتاج إلى مهارة، حيث أن هناك نسبة مرتفعة من النساء عالميا يعزفن عن العمل السياسي.

ونوه البروفيسور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية بدعم البحرين للمرأة، وقال "إن جلوس صاحبة السمو بيننا على مدى يومين لهو دليل على إرادة سياسية لدى مملكة البحرين في دعم المرأة". وأعرب عن رفضه لـ "الكوتا"، وقال إن "الكوتا هي بحد ذاتها تمييز ضد المرأة، لأنها تؤكد ضعفها وعدم جدارتها، وأنها مخلوق درجة ثانية". مشددا على أهمية دور الجامعات والمؤسسات الدينية والتجمعات الفكرية في الترويج لسياسات تمكين المرأة، لافتا إلى أن الرجل والمرأة متكاملان وليسا متنافسان.

وقالت السيدة أنجلكيا ملينار عضو لجنة حقو المرأة والمساواة بين الجنسين في البرلمان الأوربي إن أوروبا تشهد صعود يمين متطرف يعمل ضد مبادئ المساواة وضد المرأة. ودعت النساء اللواتي يصلن إلى مناصب عليا إلى دعم نظرائهن من النساء في المستويات الدنيا والمتوسطة، وذلك بهدف تصحيح الخلل حول العالم بشأن وجود عدد مناسب من النساء في المناصب العليا.

وكان المؤتمر قد بدأ أعماله أمس بجلسة صباحية عقدت تحت عنوان "الاستثمار من أجل مجتمعات عادلة وقياس العائد"، وأدارتها السيدة ماريك بولسون، وهي محامية ومديرة معهد التحكيم الدولي التابع لكلية الحقوق بجامعة ميامي.

واستعرضت السيدة السيدة بياتريس بيرون عضو مجلس النواب الفرنسي ورئيسة مجموعة الصداقة البحرينية الفرنسية خلال الجلسة تجربة المشاركة السياسية للمرأة في فرنسا، لافتة إلى أن نسبة النساء في البرلمان الفرنسي وصلت حاليا إلى 50 %، وذلك في تتويج لمسيرة نضال امتدت لأكثر من مئتي عام. وقالت إن المرأة في فرنسا تتمتع بكامل الحقوق ولا تحتاج لتشريعات خاصة بها، ولكن لا زالت هناك عوائق ثقافية أخرى.

بدورها أكدت السيدة يلينا بيببيكوفا عضو المجلس الفيدرالي الروسي مجلس الشيوخ، أهمية المؤتمر في استعراض التجارب العالمية في مجال دعم وحضور المرأة، وقالت إن المرأة في روسيا تتولى جميع المناصب، حتى أن المجلس الفيدرالي الروسي ترأسه امرأة ونائبتها امرأة. وتحدثت عن المنتدى النسائي الأوراسي الذي ساهم في توسيع الاتصالات بين المرأة ومجمعات النساء في روسيا مع نظيراتها حول العالم، ولفتت إلى أن هناك اقتراح بتغيير اسم المؤتمر إلى الكونجرس النسائي العالمي.

بدوره فوض السيد نجيب فريجي مدير معهد السلام لإقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا الباحثة في المعهد داليا العلوي للحديث في الجلسة بدلا عنه، حيث قالت أن المرأة تستطيع أن تكون قائدة سياسية من خلال عملها ضمن جمعيات ولجان للمرأة، وأشارت إلى أن النضال لتحقيق تكافؤ الفرص ليست حكرا على النساء، وإنما مسؤولية الرجل أيضا، وتحدثت حول التعليم والتربية كعنصرين أساسين لتمكين المرأة، لا سميا في التمكين السياسي.

واعتبرت الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية أنه ليس هناك شك في أن القيادات في جميع الدول العربية والعالم تريد أن ترى مساهمة أكبر للمرأة في مختلف مجالات العمل والإنتاجية، والقيادات تتخذ القرارات وترسم السياسات اللازمة لذلك، لكنها اعتبرت أن القرار لا يكفي، والتطور الحقيقي يجب أن ينبع من المجتمع ذاته، وتغيير السلوكيات الاجتماعية لتكون أكثر انسجاما مع توجهات الدول وصانع القرار.

فيما تحدثت الأستاذة دلال الزايد عضو مجلس الشورى البحريني عن التزام مملكة البحرين بدعم المرأة، وتعزيز الاستقرار الأسري، وقالت "نحن كنساء بحرينيات لم تكن لدينا أي مشكلة لا في تنشئتنا المجتمعية ولا في فهم ودعم الرجل لنا، ولسنا بحاجة إلى تدابير مؤقتة كحال بعض الدول، خاصة وأن الإرادة السياسية والشعبية تقف ضد الكوتا، وفي منظورنا الآن، التدابير المؤقتة أصبحت مؤشر تراجع في بعض الدول وتحولت إلى عائق وليس دافع".

وأقيمت الجلسة الثانية تحت عنوان "الأدوار المتجددة للمجتمعات والعدالة التنموية"، أشارت خلالها السيدة تاتيانا تيبلوفا رئيسة وحدة المساواة بين الجنسين OECD إلى الحاجة إلى ردم الفجوة بين السياسات والتطبيق، والتأكد من عدم وجود أي تمييز ضد النساء، وتحدثت عن تقرير صدر مؤخرا عن OECD شدد على أهمية الأطر المؤسساتية في التأكد من استدامة السياسات الداعمة للمرأة، والتخلص من التمييز الموجود في المجمعات حاليا.

فيما أشادت السفيرة عصمت جيهان، المراقب الدائم لمنظمة المؤتمر الإسلامي لدى الاتحاد الأوربي، بالتزام مملكة البحرين بتقديم تقاريرها لشكل دوري للمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات واللجان المعنية بالمرأة، لافتة إلى أن إعلان بيكين نص على ضرورة وجود جهات أو هياكل مؤسسية فاعلة في كل الدول تعنى بالمرأة، مؤكدة أهمية مراجعة محتوى وسائل الإعلام والمناهج الدراسية للتأكد من أن صورة المرأة فيها ليست نمطية.

وتحدثت البروفيسورة روبي باكشي خوردي عميدة كلية علم الاجتماع والريادة بجامعة AGSB في الاتحاد السويسري، عن الفروقات بين دول العالم في مجال دعم المرأة، وضرورة مراعات الاختلافات الثقافية في هذا المجال، وتشجيع المبادرات الداعمة للمرأة في الدول النامية.

فيما أشارت كارولين كودسي مؤسسة مبادرة "نساء في الحوكمة" في كندا، أنه حتى دولة متقدمة مثل كندا لا نجد فيها أن النساء يحضرن بكثرة في مجالس إدارة الشركات، وقالت إن هناك 218 شركة خاصة في كندا ليس لديها امرأة واحدة في مجلس الإدارة.

ولفت السيد محمد الناصري، المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية الى أهمية تطوير الخطاب الديني والنص الثقافي والإعلامي والمناهج الدراسية لتكون أكثر دعما للمرأة، وتشجع الجميع على دعم مشاركتها في مختلف المجالات بما في ذلك المجال السياسي.