+A
A-

الحكم بإعدام 4 متهمين بقتل شرطي انتقاما لفضّ اعتصام الدراز

عاقبت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة أربعة متهمين وبإجماع آراء أعضاء الدائرة بالإعدام لكل منهم عن تهمة قتل شرطي والشروع بقتل اثنين آخرين بمنطقة الدراز بواسطة عبوة متفجرة محلية الصنع زرعت بمكان مرور الدوريات الأمنية بعد دراسة الموقع من قبل منفذَي العملية، وكذلك بمعاقبة ثلاثة منهم بالسجن المؤبد وتغريم كل منهم مبلغ 1000 دينار عما أسند إليهم بتهمة حيازة سلاح "الكلاشينكوف" وذخائره.

كما ألزمت المحكمة المتهمين جميعا متضامنين بأن يدفعوا لصالح وزارة الداخلية مبلغا وقدره 2031 دينار و100 فلس قيمة التلفيات التي تعرضت لها المركبة الأمنية، وأمرت بإسقاط الجنسية البحرينية عنهم جميعا وبمصادرة جميع المضبوطات، وصدر حكم المحكمة بدون حضور أي من المتهمين كون أن اثنين منهم هاربان ومقيمان في إيران، والآخران رفضا الحضور من محبسهما في "سجن جو" كونهما من أصحاب الأسبقيات بمجال الجرائم الإرهابية" ومحكوم عليهما بقضايا أخرى.

واقعة القتل

وذكرت المحكمة أن واقعة القضية تتحصل في أن المتهمين جميعا كانوا قد عقدوا العزم وبيتوا النية على قتل أي من رجال الشرطة للإخلال بالأمن العام داخل المملكة؛ بالتعدي على رجال الشرطة وترويعهم وقتلهم وبث الرعب في نفوسهم ونفوس المواطنين والمقيمين وتعريض حياتهم والممتلكات العامة والخاصة للخطر، بأن قام المتهم الرابع الهارب بالخارج بالتواصل مع المتهم الأول المطلوب أمنيا لنشاطه التخريبي، وحثه على القيام بعملية تفجير ضد رجال الشرطة بقصد قتل أي منهم حال فض الاعتصام القائم أمام منزل عيسى قاسم، حيث كان قد سبق له التواصل معه من قبل في منتصف عام 2016 وأرسل له ذاكرة إلكترونية تحوي دروسا عسكرية مصورة على كيفية صناعة المتفجرات واستخدامها.

وأضافت أن المتهم الأول تدرب على تلك الدروس، وقبل فض الاعتصام بـ20 يوما تواصل معه المتهم الثالث الهارب بالخارج بالتنسيق مع المتهم الرابع، وأبلغه أنه أرسل له عبوة متفجرة عن طريق البريد الميت؛ لاستخدامها في عملية التفجير المطلوبة منه ضد رجال الأمن وأرشده عن مكانها مخبأة في سيارة محترقة متوقفة بأحد أحياء منطقة الدراز، وطالبه بالاحتفاظ بها لاستهداف رجال الشرطة بها وقتل أي منهم حال فض ذلك الاعتصام.

ومن ثم تواصل معه المتهم الرابع قبل الواقعة بـ3 أيام بعد فض الاعتصام وأخبره المتهم الثاني أنه قد رصد وحدد مجموعة من الأهداف لتنفيذ عملية التفجير واستهداف رجال الأمن بمنطقة الدراز، وطلب منه التواصل معه للتنسيق والاشتراك معه في تنفيذ الجريمة.

تخطيط واختبار

ونفاذا لذلك فقد اجتمع المتهمان بمنزل المتهم الأول قبل ارتكابهما للجريمة بيومين للتخطيط لها واختيار مكانها وزمانها وتحدد دور كل منهما في التنفيذ، واستقرا على اختيار مكان الواقعة في اليوم السابق لارتكابهما لها لسبق رصد المتهم الأول له وقاما بمعاينته واختبار العبوة المتفجرة بمكان الواقعة والتي يتم تفجيرها عن بعد وتأكدا من صلاحيتها ومناسبة المسافة لمدى جهاز التفجير لعلمها بطبيعة المكان واستيقانهما مسبقا أن مركبات دوريات الشرطة تمر به وتبطئ عنده لوجود مرتفع تخفيف سرعة به قاصدين إزهاق أرواح رجال الأمن المتواجدين بها وتدمير تلك المركبات.

المراقبة والتفجير

واختار المتهمان بناية مطلة على ذلك المرتفع كمكان للمراقبة لاعتلائها والتربص بها لمرور مركبة المجني عليهم، وبتاريخ الواقعة الموافق 18 يونيو 2017 توجها بسيارة الأول مصطحبين العبوة المتفجرة حيث قام المتهم الثاني بوضعها في المكان المتفق عليه وتوجها قبالة اتجاه مرور مركبة الشرطة التي يستقلها المجني عليهم لإحداث أكبر خسائر بها قاصدين إزهاق أرواحهم وتدميرها، ثم اعتلى البناية المذكورة حال انتظار المتهم الأول له بسيارته أسفلها لنقله عقب تمام الجريمة مترصدين مرور مركبة المجني عليهم بمكان زرع العبوة المتفجرة، وما إن ظفرا بهم ضغط المتهم الثاني على جهاز التفجير الموجود بيده محدثا الانفجار المتفق عليه والذي أتلف مركبة الدورية الأمنية وسيارات ومنازل المجني عليهم من المواطنين بالمنطقة المحيطة نتيجة للموجة الانفجارية وما أسفرت عنه من شظايا وكرات معدنية؛ وذلك بقصد قتل مستقلي تلك المركبة من رجال الشرطة، وهو ما أسفر عن مقتل المجني عليه الأول وإصابة المجني عليهما الثاني والثالث، وأُوقِفَ أثر الجريمة بالنسبة للثاني والثالث لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه وهو موالاتهما بالعلاج اللازم.

تحريات الانتقام

وبينت المحكمة أن تحريات الشاهد الأول دلت على صحة ارتكاب المتهمين للواقعة بان اتفق المتهمين الثالث والرابع الهاربين بالخارج مع المتهمين الأول والثاني على تنفيذ عمليات إرهابية في البلاد وعقب فض الاعتصام من أمام منزل عيسى قاسم عقد المتهمين جميعا العزم على الانتقام من رجال الشرطة بقتل أي منهم بطريق التفجير ونفاذا لذلك قام المتهمين الأول والثاني بتكليف من المتهمين الثالث والرابع بمراقبة ورصد المركبات الشرطة بتلك المنطقة واختيار ومعاينة المكان لزرع العبوة المتفجرة التي أمدهما بها المتهمين الثالث والرابع بقصد إزهاق أرواح أي من رجال الأمن.

وبتاريخ الواقعة توجه المتهمين الأول والثاني لمكان الجريمة المتفق عليها وتولى الثاني زرع العبوة بالطريق وترصدا مرور مركبة المجني عليهم بمكان زرع العبوة وما إن ظفرا بها قام المتهم الثاني بالضغط على جهاز التفجير وتفجيرها، ما أسفر عن مقتل المجني عليه الأول وإصابة المجني عليهما الثاني والثالث بإصابات بالغة وتدمير المركبة وسيارات ومنازل المجني عليهم المحيطة بالمكان.

ونفاذا للأمر الصادر منه وقرار النيابة العامة بتفتيش المنزل الذي يقيم فيه المتهم الأول تمكن الشاهد الثاني من ضبط المتهم الأول وضبط بحوزته سلاح ناري أوتوماتيكي متكرر الطلقات (الكلاشينكوف) عيار 7.62×39 ملم مما لا يجوز الترخيص به، وعدد 25 طلقة من ذات العيار مما تستعمل على ذات السلاح.

وثبت معمليا صلاحية السلاح والذخيرة المضبوطين للاستعمال، وكذا هواتف نقالة وذاكرة الكترونية وعدد 7 "فلاش ميموري" وعدد من ذاكرات الكاميرا و15 قرص صلب للحاسب الآلي، وتم ضبط سيارته آنفة البيان.

اعتراف وتمثيل

واعترف المتهم الأول تفصيليا بالتحقيقات بارتكابه الواقعة وكافة التهم المسندة إليه وقام بعمل رسم توضيحي لأجزاء العبوة المتفجرة المستخدمة في الواقعة، وقام بعمل دلالة تصوير وتمثيل لكيفية ارتكابه للواقعة.

تقارير

ثبت بالتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه الأول أن إصابته المشاهدة بعموم جثته حدثت بتاريخ 18 يونيو 2017 ونتجت عن تعرضه لانفجار تسبب في حدوث موجة انفجارية وشظايا أحدثت به إصابات عميقة بالوجه والعنق، وتسببت بحدوث كسر في الفك السفلي للفم وتهتكات شديدة بالأنسجة ونفق تهتكي غير نافذ بعظام القفص الصدري، وتكدم بالرئتين، وأن إصابته بالبطن قد نفذت لداخل تجويف البطن لتحدث نفقا تهتكيا مارا عبر المساريقا والأمعاء لينتهي مسارها بإصابة مباشرة تهتكية بالشريان الأورطي والأوعية الرئيسية الخارجة منه وما صاحبه من نزيف غزير، وإصابته بإصابات تهتكية بالطرفين السفليين وتعزى وفاته لإصابته وما صاحبها من إصابات مباشرة للأوعية الدموية الرئيسية بالجسم وما سببته من نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة.

وثبت بالتقرير الطبي الخاص بالمجني عليهما الثاني والثالث أن إصابتهما حدثت نتيجة لحدوث انفجار بالقرب منهما وأن مدة العلاج التي تعرضا إليها تخطت 20 يوما.

وثبت بتقرير إدارة النقل بوزارة الداخلية أن قيمة التلفيات بالدورية العسكرية المتضررة جراء التفجير تساوي 2031 دينارا و100 فلس.

أسباب الحكم

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أنه أجمع أعضاء دائرة المحكمة عملا بالمادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية على إيقاع عقوبة الإعدام على المتهمين جزاء وفاقا لما جنته أيديهم من جرائم في البندين أولا وثالثا فقد صدر الحكم عليهم بهذه العقوبة.

وحيث أن التهم المسندة في البند أولا للمتهمين جميعا قد وقعت لغرض إجرامي واحد وكانتا مرتبطتين ببعضهما ارتباطا لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين اعتبارهم جريمة واحدة والحكم بعقوبة الجريمة الأشد منهم عملا بالمادة 66/1 من قانون العقوبات.

وجاء أيضا وحيث أن التهمتين المسندتين في البندين ثانيا وثالثا للمتهمين الأول والثالث والرابع قد وقعتا لغرض إجرامي واحد وكانتا مرتبطتين ببعضهما ارتباطا لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بعقوبة الجريمة الأشد منهما عملا بالمادة 66/1 من قانون العقوبات.

التهم الثابتة

هذا وثبت للمحكمة أن المتهمين في غضون عامي 2016 و2017 ارتكبوا الآتي:

أولا: المتهمين الأول والثاني:

1- قتلا المجني عليه عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتل أي من رجال الشرطة المكلفين بحفظ حالة الأمن في منطقة الدراز، وأعدا لذلك عبوة متفجرة وزرعاها بالجانب الأيمن من الطريق وهو المكان الذي أيقنا سلفا مرور المركبات الأمنية منه، وفق نتائج أعمال المراقبة التي أجروها، وقاما بتجهيز العبوة بحيث تكون موجتها الانفجارية في اتجاه مرور تلك المركبات، وصعد المتهم الثاني إلى سطح إحدى البنايات التي تطل على مكان زرع العبوة مترصدا لمرور تلك المركبات، وظل الأول يراقب تحركات الشرطة في الأسفل، وما إن حضرت الدورية بالقرب من العبوة حتى قام المتهم الثاني بتفجير العبوة قاصدين من ذلك إزهاق روح أي من الشرطة، فحدث الانفجار الذي أصاب المجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته، حال كونه موظفا عاما، ووقع الفعل عليه أثناء وبسبب تأديته وظيفته، وذلك تنفيذا لغرض إرهابي.

2- شرعا في قتل المجني عليهما نائب عريف وشرطي عمدا مع سبق الإصرار والترصد، وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليهما بالعلاج.

3- أحدثا تفجيرا بقصد تنفيذ غرض إرهابي بأن فجرا العبوة سالفة البيان.

4- استعملا عمدا متفجرات استعمالا من شأنه تعريض حياة الناس والأموال للخطر تنفيذا لغرض إرهابي.

5- استعملا عمدا المتفجرات بأن قاما بزرع العبوة المتفجرة وجعل موجتها الانفجارية تجاه المركبات فأحدث الانفجار أضرارا مالية للمباني والسيارات المملوكة للمجني عليهم من المواطنين.

6- أتلفا أملاكا عامة ومخصصة لمصالح حكومية بتفجير العبوة فأحدثت إتلافا بالمركبات المملوكة لوزارة الداخلية.

7- أتلفا أموالا ثابتة ومنقولة بإحداث التفجير فأحدثا تلفيات في المباني والسيارات الخاصة وتعطل الانتفاع بها وترتب على ذلك جعل حياة الناس وأموالهم في خطر.

8- عرضا للخطر عمدا وسيلة من وسائل النقل العام والخاص بالقوة.

9- حازا وأحرزا متفجرات بدون ترخيص.

ثانيا: المتهم الأول:

1-    حاز سلاحا أوتوماتيكيا متكرر الطلقات (الكلاشنكوف) بغير ترخيص.

2-    حاز وأحرز الذخائر مما تستعمل في ذات السلاح آنف البيان.

ثالثا: المتهمين الثالث والرابع (هاربان ومقيمان في إيران): اشتركا مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب جرائم القتل العمد والشروع في القتل، بأن اتحدت إرادتهم وأمداهما بالعبوة المتفجرة وأمدا المتهم الأول بالسلاح الناري والذخيرة.