لطالما كانت مراعاة الذوق العام من أهم صفات الخبر، حيث إن نشر ما لا يراعي الذوق العام تنتفي صفة الخبر منه، وهكذا هو الحال تجاه بقية أركان الخبر الأساسية أو ما يسمى بصفات الخبر التي تشمل الواقعية والموضوعية والأمانة والشمولية وأخيرا ما أسلفته أي “مراعاة الذوق العام”.
لكن الذوق العام تبدل، حيث أصبح ما لا يستساغ مقبولا حاليا، وبات ما يطلق عليه (عيب) لا خجل منه ولا حياء، وكمحاولة مني لرصد توجهات الشباب حول ما يسمى بالذوق العام بت أطرح عددا من الأسئلة على الأجيال الجديدة عاما وراء عام بقصد قياس استيعابهم مجريات الساحة وتكوين حلقات نقاشية تكفل لهم تطوير مهارة الحوار وتجرهم نحو تكوين رأي خاص من خلال مناقشة عدد من الظواهر المفروضة علينا من قبل وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا مع حصول كل فرد من أفراد الأسرة على هاتف محمول يكفل له تواصلا تاما مع عالم افتراضي خارجي لا رقابة عليه، وبالطبع لا تخرج هذه القضايا عن سياق كل ما يهم الشباب (من ملبس ومأكل وظواهر غربية تبناها رواد السوشال ميديا ويقدمونها للشباب وصغار السن على طبق من ذهب).
وكانت نتيجة بعض حلقات الحوار الساخنة غريبة جدا، فقد أجمعت الأغلبية على تقبلها كل نمط غريب في هيئة قضية رأي عام حتى وإن كانت بعيدة تماما عن الذوق العام، وأرجع البعض ذلك إلى أن بعض القضايا لا تلامسهم شخصيا ولا تشكل خطرا على حياتهم لذا فإن تقبلها أمر مسوغا بالنسبة لهم.
إن اللامبالاة في تقبل كل ما يطرح على الساحة تعد مرضا حقيقيا مستشريا بات يلامس مجتمعنا ويدق ناقوس الخطر، حيث كانت هناك أخبار في السابق من الصعب تقبلها وتثير زوابع كثيرة في أوساط المثقفين والشارع العربي وهو ما يدل على صحة الآراء التي تنوعت بين مؤيد ومعارض، أما الآن فقد باتت الكثير من الظواهر والقضايا مقبولة تماما حتى وإن كانت بعيدة عن الذوق العام ذلك أن تقديمها من خلال قنوات (السوشال ميديا) يكفل لها انتشارا كبيرا وتقبلا، خصوصا في أوساط الشباب وهو ما يكفل تبدلا كبيرا في مزاج الذوق العام المجتمعي وتقبل الكثير مما يفرض عليه عاما تلو الآخر.