موعد فتح باب الترشح على الأبواب، وكثيرون شحذوا سيوف هممهم للدخول في ساحة الترشح، وما سيلازمها من تسويق ذاتي. إنه عرس وطني، لكن لا نريد نحن كمنتخبين فاشنيستا التصريحات، ولا أحلاما وردية يوزعها المرشحون في علب بلاستيكية في خيمهم. نريد واقعية، برامج مدروسة. صحيح أن بعض المرشحين يهز يدك عند الانتخابات وكيانك عن الفوز، ولكن الصحيح كما يعبر علماء البرمجة اللغوية أن قدرك أنت تصنعه. لا أحد يضع المسدس الكاتم للصوت على رأسك ليجبرك أن تنتخب طائفيا، أو نرجسيا مغرورا، أو مرشحا يتغذى على التناقضات اليومية، أو افتعال الأزمات. يجب أن تدرسوا كل مرشح.
وأثبت علم النفس السلوكي أن كل مرشح يستعرض بعضلات وهمية، وأحلام خارقة يعني أنه لا يمتلك ألف باء التغيير. وتمثيل دور المنقذ أو المخلص وتقمص شخص عنترة لأي مرشح علامة تمثل بعدا نفسيا أنه يعاني فراغا داخليا، وتصريحاته عبارة عن حيلة دفاعية لتغطية عجز ذاتي، وتحايل يدل على قلة حيلة اليد. لا تنتخبوا الفنتازيين، ومن يوزعون مصابيح علاء الدين في خيمهم الانتخابية، فالمارد السحري يكمن بواقعية البرامج الانتخابية، وتاريخ المرشح وحجم الأرقام لما يمتلكه من أرشيف تاريخي في خدمة منطقته. البرلمان ليس جمعية خيرية لتوزيع علب بسكويت المناصب، أو الرواتب ولا “جم” مالي لإزالة شحوم الفقر، البرلمان: موقف، ثقافة عالية، قدرة فائقة في معرفة التوازنات، أكاديمية معتبرة مصداقية، وطنية، سعي حثيث للصداقة مع ملفات الناس العالقة، جرأة منضبطة في علاج القضايا. مقدرة عالية في الخطابة وقدرة على فهم الترافع عن الملفات. لا نريد تكرار برلمان 2014.
الشارع يطمح ببرلمان يكون نوابه مفوهين، يركزون على الوحدة الوطنية، وغير متورطين في صناعة وتأليب المجتمع أو توزيع أعواد كبريت تاريخية بين الناس أو صناعة الثقوب في الوحدة الوطنية.
برلمان 2018 يأتي مع اكتئاب اقتصادي، وصدمة ثقافية يعانيها الشارع من سقوط المثل الأعلى للنائب المنصف. إن انفصام بعض النواب في المواقف المعيشية، وانتفاخ الشوزفرينيا بشكل عال لدى بعض النواب ساهم في تكديس ألم الناخب وقاده لما يسمى في علم النفس بـ “مرحلة اللامعنى”.
برلمان 2018 يحتاج نوابا يسقطون الصورة النمطية، ومحو سوداوية الذاكرة المتورمة التي أخذها الناخب عن نواب ترافعوا عن أمور عادية وسكراب أو مضحكة عززت من الكوميديا السوداء. نتطلع جميعا إلى نواب جدد، أو بعض من نواب قلبهم على الناس، وهم قلة في حال إعادة ترشحهم أن يرمموا الذاكرة، وأن يساهموا في توزيع ربطات الخبز، وأن يكونوا وسطيين، يعيشون تصالحا مع الذات والوطن دون أن يعبثوا بذيل ما يوجع الناس في ملفات مصيرية لها انعكاس اقتصادي على جيوبهم.