العدد 3491
الأحد 06 مايو 2018
banner
مصير الاتفاق النووي الإيراني (2)
الأحد 06 مايو 2018

وجهة نظر أوروبا تنطلق من عدم وجود بديل يمكن أن يحل بدلاً من الاتفاق القائم، حيث تنظر أوروبا بنوع من القلق حيال السنوات الطويلة التي استغرقتها مفاوضات الاتفاق النووي، كما تبدو قلقة أيضاً حيال تهديدات إيران باستئناف برنامجها النووي وتسريع وتيرة التخصيب في حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، حيث تبدو أوروبا تحت تأثير قوي للحملة الدعائية النفسية التي يشنها نظام الملالي لتخويف الغرب من عواقب الانسحاب الأميركي ودفع القادة الأوروبيين للضغط على الرئيس ترامب لتغيير موقفه.

وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو قال إن الرئيس دونالد ترامب، لم يتخذ حتى الآن قراراً بشأن الانسحاب من اتفاق إيران النووي، لكن من المستبعد أن يبقى من دون تغييرات جوهرية، وأضاف “ما لم يتم إجراء إصلاحات ملموسة، وبدون التغلب على عيوب الاتفاق، من المستبعد أن يبقى ترامب في ذلك الاتفاق”. الخارجية الأميركية نفسها ذكرت على لسان نائب وزير الخارجية لشؤون الأمن الدولي ومنع انتشار الأسلحة، كريستوفر فورد، موقفاً لافتاً، حيث قالت في بيان لها إن الولايات المتحدة لا تنوي مراجعة الاتفاق النووي أو إلغاءه، بل تسعى لملحق إضافي.

الرئيس الفرنسي قال أمام الكونجرس إن السياسة تجاه إيران يجب ألا تؤدي إلى حرب، وأن تضمن سيادة الدول بما فيها إيران نفسها، وقال نصاً “دعونا لا نرتكب حروبا جديدة... إنه لا يمكن ترك الاتفاق دون وجود بديل يعالج جوهر الموضوع، لهذا لن ننسحب من الاتفاق، وقررنا أن نعمل على اتفاق أكثر شمولاً يشمل أربع نقاط رئيسية هي الحفاظ على مضمون الاتفاق الحالي، وتغطية الفترة ما بعد 2015 (أي ما بعد نهاية أمد الاتفاق القائم)، واحتواء النفوذ العسكري للنظام الإيراني في الشرق الأوسط، ومراقبة برنامج الصواريخ الباليستي الإيراني”.

بريطانيا عبرت عن وجهة نظر مماثلة لفرنسا مضيفة أن الاتفاق النووي كان ثمرة جهود تفاوضية استغرقت 13 عاماً، ولا يجب التضحية به من دون بديل كاف، وقال بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني إن الحفاظ على الاتفاق يبقى بديلا أفضل من الغائه، وقال أمام اجتماع وزراء خارجية السبع الكبار “نتفق على أن سلوك إيران مدمر، ولكن علينا الحفاظ على الصفقة”.

ربما تبدو ألمانيا أكثر الثلاثي الأوروبي تشدداً حيال الحفاظ على الاتفاق النووي، ولكن وجهات النظر بين الدول الثلاث متقاربة جداً، ويصعب القول بوجود تفاوت في وجهات النظر بينهم.

في ضوء هذا الاستعراض هناك تساؤل بديهي يطرح نفسه: ما هو مصير الاتفاق النووي؟ وفي الإجابة على ذلك علينا أن نعترف أن أسلوب الرئيس ترامب يجعل من الصعب التعرف على موقفه قبل يوم الثاني عشر من مايو الموعد النهائي لتحديد الموقف الأميركي حيال الاتفاق، حيث تبدو التوقعات هنا بمنزلة مجازفة غير مأمونة العواقب، ولكن علينا أن نجتهد في فهم تكتيكات ترامب السياسية، حيث يبدو من الواضح أنه يستخدم سياسة حافة الهاوية ومعجب بها في عمله وإدارة الملفات المتأزمة، لذا فقد صعد للنهاية في ملفات عدة ثم ما لبث أن وجد المبرر أيضاً للتخلي عن كل مواقفه التصعيدية، من كوريا الشمالية التي انتقل فيها من التلويح بالزر النووي “الكبير” إلى قمة تاريخية مرتقبة، وملف سوريا التي انتقل فيها من التهديد بضربة قاصمة إلى ضربة محدودة للغاية كانت فيها الولايات المتحدة حريصة تماماً على تفادي الاصطدام بروسيا في الأجواء السورية، ولكن في انتقالاته وتحولاته يبدو ترامب مقتنعا بأنه لم يتنازل ولم يقدم تنازلات ولا تراجعا عن موقفه السابق، وهذا الأمر مرشح بقوة للتكرار في ملف إيران النووي.”إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية