العدد 2963
الخميس 24 نوفمبر 2016
banner
ترامب وملالي إيران (1)
الخميس 24 نوفمبر 2016

نكاد نعرف ـ كمراقبين ومتخصصين ـ توجهات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب وسياسته المرتقبة حيال دول مجلس التعاون، وأهمها ما يتعلق بضرورة تحمل الأعباء المادية المترتبة على التزام الولايات المتحدة باتفاقات التعاون الدفاعي بين الجانبين، ولكن النقطة الأهم في ملف سياسات ترامب إزاء منطقة الخليج العربية سياسته المحتملة حيال إيران.

الرئيس الأميركي المنتخب أعلن نيته الانسحاب من معاهدة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ، وذلك خلال اليوم الأول من توليه منصبه رئيسا للبلاد خلفاً لباراك أوباما، في 20 يناير المقبل، وجاء هذا التصريح ضمن شريط فيديو تضمن أهم القرارات التي يعتزم الرئيس الجديد اتخاذها خلال الأيام الأولى من توليه منصبه.

هذه الاتفاقية الموقعة عام 2015، غاية في الأهمية لأسباب واعتبارات عدة، في مقدمتها أنها تضم 12 دولة، هي أستراليا، وبروناي، وكندا، وتشيلي، واليابان، وماليزيا، والمكسيك، ونيوزيلندا، والبيرو، وسنغافورة، والولايات المتحدة، وفيتنام ، وهي دول تمثل 40 % من الحجم الكلي للاقتصاد العالمي، وتهدف الاتفاقية إلى توطيد العلاقات الاقتصادية بين الدول الموقعة عليها، من أجل دعم النمو، لكن منتقديها يقولون إنه تم التفاوض على بنودها في السر، وإنها تصب في مصلحة عدد من الشركات الكبرى متعددة الجنسيات. وبغض النظر عن إيجابيات وسلبيات هذه الاتفاقية الاستراتيجية، وتبعات الانسحاب منها أو غير ذلك، فإن ما يهمني في هذه الخطوة أن الرئيس ترامب لم يأت في هذه التصريحات المهمة على ذكر الجدار العازل الذي قال إنه يريد تشييده على طول الحدود الجنوبية بين الولايات المتحدة والمكسيك، كما لم يتطرق إلى النظام الصحي الذي وضعه الرئيس الحالي باراك أوباما، وذلك عند حديثه عن أهم القرارات التي يعتزم اتخاذها في بدايات عمله، ما يعطي أول إشارة جدية إلى أن الشعارات الانتخابية شيء والسياسات التنفيذية شيء آخر، وأن هناك سقفا مؤكدا لهامش حركة البيت الأبيض في مواجهة بقية مؤسسات الحكم الأميركية، ما يجعلني أشكك أيضاً في إمكانية إلغاء اتفاقية الشراكة عبر الأطلسي التي أعلن ترامب أنه يعتزم إلغاءها، لاسيما أن الدول الأعضاء تعد ركائز استراتيجية الأمن القومي الأميركي في آسيا خلال القرن الحادي والعشرين، والمعروفة باسم “آسيا أولاً”؛ وهنا تجب الإشارة إلى أن ترامب يفضل الاتفاقات التجارية الثنائية، ويرى أن من شأنها أن تعيد للأميركيين فرصا للعمل، ومزيدا من الصناعات التي ستستفيد منها الولايات المتحدة، كما يتبنى الرئيس الأميركي الجديد مبدأ يسميه “أميركا أولاً” ويشمل السياسات التجارية والاقتصادية والصحية وغيرها، ويسعى إلى استبعاد الكثير من أفكار العولمة، ولاسيما تلك الخاصة بالتعهيد، ويريد ضخ دماء جديدة في الصناعات الأميركية وتوفير فرص عمل للشباب الأميركي. ولكن هذه السياسات تضعه في صدام مباشر وقوي مع الشركات عابرة القارات، التي تقتات على أفكار العولمة والتجارة الحرة وآليات السوق. النقطة الثانية المهمة من وجهة نظري في تصريحات ترامب حول أهم القرارات التي يعتزم اتخاذها في فترة رئاسته الأولى أنه لم يأت على ذكر مصير الاتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة “5+1”، وهل يعتزم الانسحاب منه أم لا.

ولاشك أن مصير الاتفاق النووي مع إيران هو سؤال الساعة في منطقة الخليج العربي، ليس فقط بالنسبة لإيران ولكن أيضاً، بالنسبة لجميع الأطراف الإقليمية والدولية، لأن صياغة العلاقة بين إدارة ترامب الجديدة وطهران، ستحدد معالم الكثير من الأزمات الإقليمية، ويضع النقاط على الحروف في مسارات الأوضاع الأمنية في هذه المنطقة الحيوية من العالم خلال المدى المنظور.                “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية