العدد 2882
الأحد 04 سبتمبر 2016
banner
روسيا وإيران... والشرعية في سوريا (2)
الأحد 04 سبتمبر 2016

هل يمكن لروسيا إيجاد شرعية لنظام قام أساسا على انقلاب عسكري “بعثي” قاده في العام 1963 ضباط من مشارب مختلفة، فيما ليس أمام إيران سوى تغيير طبيعة المجتمع السوري وطبيعة المدن السورية، من منطلق مذهبي، كي يبقى النظام تحت رحمتها.
ستفشل روسيا مثلما ستفشل إيران، لا لشيء سوى أنّ المؤسسة العسكرية السورية التي تراهن عليها موسكو انتهت منذ زمن طويل، فيما ستظل إيران عاجزة عن تغيير طبيعة سوريا، مهما اشترت، عبر واجهات لها، من الأراضي ومهما عملت على تهجير سكان أحياء معيّنة من أرضهم، أكان ذلك في دمشق وجوارها أو في حمص وحماة، ومهما جنّست من عراقيين ولبنانيين. تفعل ذلك من أجل خلق خلل في التوازن السكاني في مناطق تعتبرها إيران مناطق استراتيجية بالنسبة إليها.
لا يمكن تجاهل أنّ نسبة 76 في المئة من سكان سوريا يرفضون أية مصالحة من أيّ نوع مع نظام جعل منهم مواطنين من الدرجة الثانية منذ ما يزيد على أربعة عقود.
استثمر النظام السوري منذ اللحظة الأولى لقيامه في بث الرعب في صفوف المواطنين والبناء على حلف الأقليات بنواته العلوية. تحكّم هذا الحلف بالجيش والأجهزة الأمنية التي كان يتجسس كلّ منها على المواطن العادي وعلى الأجهزة الأخرى.
أين الشرعية التي يتشدق بها المعلقون الروس، ومعظمهم من الدبلوماسيين المتقاعدين الذين مازالوا يستخدمون اللغة الخشبية نفسها التي كانت تستخدم ايّام الاتحاد السوفياتي. لو كانت هذه اللغة الروسية التي تعتبر بشّار الأسد رئيسا “منتخبا”، لكان الاتحاد السوفياتي حيّا يرزق!
أيّة شرعية تتحدث عنها إيران غير شرعية نظام اختزل سوريا في طائفة أيّام حافظ الأسد، فيما اختزلها بشّار الأسد في عائلة هيمنت على كلّ مقدرات البلد تحت شعارات فارغة من نوع “الممانعة” و”المقاومة”.
نعم، لا يمكن لروسيا وإيران الانتصار في سوريا بغض النظر عن درجة التنسيق مع إسرائيل وبغض النظر عن الانكفاء الأميركي. يمكن تفتيت سوريا ولكن لا يمكن تحقيق انتصار في سوريا.
العنصر الجديد الذي طرأ أخيرا هو عنصر قديم، إنّه العنصر الكردي الذي لا يمكن تجاهله نظرا الى انّه بات رهانا أميركيا، إضافة الى أنه بات وسيلة لجعل تركيا أقلّ حماسة لدعم الثورة السورية. دخول هذا العنصر على خط الأزمة السورية المستمرّة منذ خمس سنوات ونصف، صار عاملا لخلق مزيد من التعقيدات التي لا تصب سوى في مسار إطالة الحرب السورية بما يقود الى تقسيم البلد بعد تفتيته. “المستقبل”.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .