العدد 2881
السبت 03 سبتمبر 2016
banner
روسيا وإيران... والشرعية في سوريا (1)
السبت 03 سبتمبر 2016

في ظل القصف الذي تقوم به قاذفات روسية من نوع “توبوليف” تنطلق من قاعدة همدان الإيرانية، يبقى الانتصار الروسي ـ الإيراني في سوريا بعيد المنال. لا يمكن لروسيا وإيران الانتصار في سوريا، يمكنهما الانتصار على سوريا لا أكثر، يمكنهما السير في الخط الذي يسير فيه النظام وعنوانه “بشّار أو لا أحد”. لا يستطيع الروسي والإيراني تحقيق أكثر من ذلك.
يعود ذلك أوّلا وأخيرا الى أنّ الجانبين يعتمدان على نظام غير شرعي مرفوض من شعبه، ويسعيان إلى تمديد عمره إلى ما لا نهاية. وهذا شيء مستحيل في نهاية المطاف.
في النهاية، لا تستطيع روسيا أو إيران الاعتماد على نظام انتهت صلاحيته منذ فترة طويلة من أجل الحفاظ على مصالحهما في سوريا، علما أن لكل من روسيا وإيران مصالح خاصة بكل منهما قد يكون هناك تناقض بينها. روسيا تريد السيطرة على الأراضي السورية كي تمنع أنابيب الغاز الخليجي من المرور فيها وإيجاد قواعد على المتوسط، فيما الهمّ الإيراني من نوع آخر. تريد روسيا، من خلال سوريا، تأمين مصالح ذات طابع اقتصادي من جهة وتأكيد أنّها مازالت لاعبا دوليا من جهة أخرى.
بالنسبة الى إيران، لا تزال سوريا الخاضعة لها ممرا إجباريا الى لبنان وإلى ما تعتبره الإنجاز الأهمّ الذي حقّقته “الجمهورية الإسلامية” منذ قيامها في العام 1979. هذا الإنجاز هو “حزب الله” الذي بات ذراعا إيرانية تعمل في كلّ المنطقة العربية وحتّى في العالم كلّه، وصولا الى أميركا اللاتينية. ليس “حزب الله” تنظيما يمكن الاستهانة به، خصوصا بعدما تبيّن أن باستطاعته الحلول مكان إيران حيث ترتئي ذلك.
يظل اليمن، حيث للحزب دور مهم في دعم الميليشيات الحوثية وتدريبها، أفضل دليل على ذلك.
أكثر من ذلك، ان لبنان الذي يتخذ منه “حزب الله” قاعدة للعمل لمصلحة إيران، صار تحت سيطرة إيران بفضل الميليشيا المذهبية التي تمتلكها في هذا البلد. بقاء لبنان ساقطا عسكريا مرتبط الى حد كبير ببقاء النظام في سوريا نظاما علويا يعتمد أوّل ما يعتمد على حماية من إيران بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أي عبر الميليشيات اللبنانية والعراقية.
هذا النظام السوري سخّر الأراضي السورية ممرا للسلاح الإيراني الذي يستخدم في عملية تدمير لبنان وفرض وصاية عليه.
من هذا المنطلق، تبحث كلّ من روسيا وإيران عن شرعية غير موجودة للنظام السوري. هذا البحث عن مثل هذه الشرعية يختلف بين موسكو وطهران نظرا الى خلفية العلاقة السورية ـ الروسية من جهة والعلاقة السورية ـ الإيرانية من جهة أخرى.
تعتمد روسيا في بحثها عن شرعية للنظام السوري على تاريخ علاقتها بالجيش والمؤسسات المرتبطة به، فيما تعتمد إيران على الرابط المذهبي، أي على العلاقة القائمة بينها وبين العلويين في سوريا، أي بينها وبين النظام تحديدا بصفته العلوية، وليس بالضرورة مع الطائفة العلوية، فالطائفة العلوية في سوريا لا تزال تنظر بحذر الى العلاقة مع إيران. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية