العدد 2828
الثلاثاء 12 يوليو 2016
banner
إيران 2016... سوريا 2010 (1)
الثلاثاء 12 يوليو 2016



كلّ شيء يتغيّر في الشرق الأوسط وفي إطار أوسع منه. لذلك لا يمكن لإيران سوى أن تتغيّر، لا لشيء سوى أنّها بدأت تشعر بالحاجة الى إعادة تموضع في ضوء المستجدات التي تشهدها المنطقة والعالم. من بين هذه المستجدات اكتشاف القيادة في إيران النظام الدولي الذي اعتقدت أنّ باستطاعتها ابتزازه الى ما لا نهاية. العالم في نهاية المطاف، ليس الاتفاق في شأن ملفّها النووي. العالم، بما في ذلك النظام المصرفي الدولي الذي شاءت طهران اخضاعه لمشيئتها او تجاوزه، شيء آخر. إنّها لا تدرك حتّى كيف يعمل هذا النظام ومن يتحكّم به. لا تدرك ان هبوط أسعار النفط بشكل تدريجي منذ خريف العام 2014، اهمّ بكثير من الاتفاق في شأن الملفّ النووي، وأنّ عليها التكيّف مع هذا الواقع الجديد، وأنّ الاتفاق في شأن الملفّ النووي لن يحلّ لها أيًّا من مشاكلها.
أكثر من ذلك، لم تفهم إيران أن العالم ليس إدارة باراك أوباما التي تختزل كلّ مشاكل الشرق الأوسط بالملفّ النووي الإيراني وتعتبر أنّ التطبيع بين واشنطن وطهران هدف بحدّ ذاته.
حصل اتفاق في شأن الملف النووي الايراني وأعلنت ايران انتصارها على “الشيطان الأكبر”. انضمّ اليها في رفع شارة النصر حزب الله. ماذا كانت النتيجة؟ ما الذي تغيّر على الأرض؟
بعد أيام قليلة تمرّ سنة كاملة على توقيع الاتفاق في شأن الملف النووي بين إيران ومجموعة البلدان خمسة زائد واحد. لم يطرأ أي تحسّن على الوضع الاقتصادي الإيراني على الرغم من كلّ المحاولات التي بذلتها إدارة أوباما لمساعدة طهران. كان الملفّ النووي الايراني نكتة أكثر من أيّ شيء آخر. استغلته إسرائيل للحصول على مكاسب من الولايات المتحدة. حصلت بالفعل على هذه المكاسب، بل حصلت على اكثر مما طلبته من إدارة اوباما.
في ذكرى مرور سنة على توقيع الاتفاق في شأن الملف النووي الايراني، ثمّة أمور ملفتة. من بين هذه الأمور أن الازمة الاقتصادية التي تمرّ بها ايران زادت حدّة، توافق ذلك مع فشل إيراني في كلّ بلد استهدفه المشروع التوسّعي لـ “الجمهورية الإسلامية”. إذا كانت السيطرة على العراق إنجازاً، فنعم الإنجاز. هناك ميليشيات لأحزاب مذهبية عراقية تابعة لإيران تتحكّم بالعراق تحت تسمية الحشد الشعبي. كلّ ما تستطيع هذه الأحزاب عمله هو قتل السنّة وتهجيرهم من بيوتهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم وزيادة الشرخ المذهبي عمقاً في البلد وتوفير حاضنة لـ”داعش” والتنظيمات الإرهابية التي على شكل “داعش”. ما مستقبل العراق في ضوء هذه المعطيات وفي ضوء ما شهدته الفلوجة أخيراً، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر؟
ما كشفه العراق ان باستطاعة إيران ان تهدم وليس أن تبني. ما نتيجة الهدم وكيف سترتد على إيران نفسها؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه في ظل التطورات التي يشهدها العراق الذي لم يعد هناك أمل في اعادته دولة طبيعية تكون نموذجاً لما يفترض ان تكون عليه دول المنطقة، كما كان يتصوّر “المحافظون الجدد” في إدارة جورج بوش الابن الذين خططوا لاجتياح العراق قبل الانتهاء من معضلة أفغانستان.  نرى الولايات المتحدة حالياً تواجه كارثة في العراق وأفغانستان في الوقت ذاته. هناك بلدان لا مستقبل لها بأيّ شكل، خصوصاً ان الخيار الوحيد في أفغانستان هو الاستسلام لـ”طالبان”، فيما الخيار الوحيد في العراق هو الاستسلام لمزيد من التشرذم الذي يبدو ان إيران تسعى اليه.
تتدخّل إيران في سوريا. أدّى تدخّلها الى بقاء بشّار الأسد في دمشق. في كلّ يوم يبقى فيه بشّار في سوريا، يقترب البلد من الانهيار الكامل ويتضاءل أي امل في التوصّل الى حل سياسي يحافظ على وحدة سوريا. ليس معروفاً تماماً لماذا إيران مصرّة على التدخل في سوريا وتوريط ميليشيا “حزب الله” اللبنانية في حرب على الشعب السوري. ليس هناك من هو قادر على الإجابة عن سؤال في غاية البساطة من نوع: ما الفائدة من بقاء بشّار الأسد في دمشق بالنسبة الى ايران؟ هل بقاء بشّار الأسد سينقذ الاقتصاد الايراني؟ هل سينقص عدد الذين تحت خط الفقر في ايران، علماً ان عدد هؤلاء يتجاوز نصف عدد الشعب الإيراني؟. “المستقبل”.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية