العدد 2817
الجمعة 01 يوليو 2016
banner
رؤية مغايرة فاتن حمزة
فاتن حمزة
“الخريف الأوروبي... انسحاب بريطانيا
الجمعة 01 يوليو 2016


أول الغيث “
قرار انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يأتي في سياق سُنن الله في خلقه، نعم قد ينظر البعض نظرة مادية إلى هذه الخطوة من منطلق معطيات واستحقاقات مادية دنيوية صرفة، وهي نظرة سليمة إلى حد ما، لأن في ذاتها أسباب خلقها الله عز وجل.
نحن نؤمن أن الجانب الغيبي هو الأساس في سنن الله في خلقه، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (الروم:9).
لسنا في وارد ذكر الأسباب السياسية والاقتصادية وغيرها في هذه المسألة، فقد كُتبت فيها آلاف المقالات والتحليلات، ولكن نذكر بأن هذه المنظومات التي تآمرت على شعوب العالم وعلى وجه الخصوص العالم العربي والإسلامي، ولم نر منها مواقف جادة في نصرة قضايانا، ولم يقفوا مع ظلامتنا وجل وقوفهم بجانبنا كان للتصوير البرتوكولي والإعلامي، في اللقاءات الجوفاء التي لم تؤت أكلها حتى يومنا هذا، وكانوا في الخفاء يعملون ليلا ونهارا على إضعافنا وسلب خيراتنا، فيقيناً ان ظلما كهذا سيحمل في طياته بذور فنائه، ولابد ان يرتد إليه، والتاريخ الحديث خير شاهد على ذلك، فمن انهيار الاتحاد السوفيتي، ثم يوغسلافيا، والآن بوادر تفكك الاتحاد الأوروبي، ثم تفكك المتفكك داخل اوروبا، وستعقبهم أميركا، هكذا هي سنن الله في خلقه، كما تدين تدان، عملوا جاهدين على تفكيك دولنا، فجاءهم العقاب من حيث لم يحتسبوا، فهاهم يؤدون الدَين ويتجرعون السم من الكأس نفسه التي أرادو للغير أن يتجرعها.
ليس هناك استثناء، فمنطق الاستثناء سواء على مستوى الأفراد او الدول ليس سوى مرض يغفل عنه الجميع، بل وينكره، فالكل يظن أنه مستثنى من مكر الله عز وجل.
وبقية الدول كأميركا، ليست سوى نمور من ورق، فبذور انهيارها ماثلة امام أعيننا وفي القريب العاجل، الأمر لا يحتاج سوى أن تسحب بعض الدول العربية التي تملك قرارها السياسي والاقتصادي، أموالها من بنوك اميركا، لنترحم عليها بعدها، ولكن هل ستوحد الدول العربية قرارها؟!
الكلام في هذا الجانب من الأسباب التي يغفل عنها أصحاب النظرة الدنيوية، فدُول جل بنيانها على الربا وسلب مقدرات وخيرات الآخر والتآمر عليه لابد أن يرينا الله عز وجل فيها عجائب قدرته، فاليوم بريطانيا، وبالأمس اليونان والبرتغال وغيرهما من الدول التي أفلست أو توشك على الإفلاس، والغد لناظره قريب. (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف: 34)، ولن تجد لسنة الله تبديلا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية