العدد 2808
الأربعاء 22 يونيو 2016
banner
رؤية مغايرة فاتن حمزة
فاتن حمزة
سأل الجدار المسمار يوماً
الأربعاء 22 يونيو 2016

قرر والد طفل تهذيب ابنه وتلقينه درساً قيماً في الأخلاق بعد أن زاد تمرده وكثر غضبه وقل أدبه بين أهله وصحبته ما جعله يحرج والده بتجاوزه الحدود، فقرر أن يعطي ابنه كيساً من المسامير، وطلب منه أن يدق مسماراً على السور الخشبي خلف منزلهم في كل مرة لا يتمالك فيها غضبه، وفي اليوم الأول دق الولد 30 مسماراً على السور الخشبي، ومع مرور الأيام مل الطفل من تكرار دق المسمار فبدأ عدد المسامير التي يدقها الطفل على السور يتناقص تدريجياً، وفي أحد الأيام لم يفقد الطفل أعصابه وسيطر على غضبه حتى شعر أن عدم الذهاب لدق المسامير أمر عظيم وإنجاز مفرح، لهذا ذهب الصبي مسرعاً لإخبار والده بهذا الانتصار، فقال له الأب: في كل يوم لا تفقد فيه أعصابك انزع مسماراً من السور الخشبي، وبعد بضعة أشهر جاء هذا الطفل مسرعاً لأبيه ليبشره بأنه أزال جميع المسامير التي كانت في السور، امسك الأب يد ابنه الصغير واتجه إلى السور الخشبي الذي تحرر من آخر المسامير المدقوقة، وقال له: (أنا فخور بك، ولكن هل لاحظت الثقوب التي خلفتها مساميرك؟ فهذا السور لن يعود كما كان يا بني، ونحن عندما نتكلم غاضبين نترك ثقوباً لا تزيلها كلمة: آسف). قصة تذكرنا بواقعنا بعد أحداث 2011 فالكثير من الجروح لم تلتئم والكثير من الثقوب نخرت أجسادنا تاركة علامات قد لا تزول.
فليتعظ اللاحقون مما خلفه السابقون فلا هم منتصرون ولا هم قادرون على الانخراط والتعايش، حملوا المطرقة ودقوا المسامير في جدران قلب الوطن وقلوب محبيه، وكما يقول المثل، “سأل الجدار المسمار يوماً لم تؤلمن؟ قال: سل من يدقني”.
نعم عدنا وعادت قوانا واستعدنا عافيتنا ولكن سيبقى القلب مشروخاً وسيبقى التاريخ يحكي قصصاً وشواهد على غدرهم.
نتمنى أن تستمر الدولة على نهجها في الحزم والمحاسبة، غلق جمعية الوفاق ومن ثم إسقاط الجنسية عن المدعو عيسى قاسم أراها بداية مشرقة وخطوة تطهيرية منصفة طال انتظارها، نحن بحاجة لخطوات جريئة حازمة مثيلة تكون بمثابة دروس لكل من تسول له نفسه الاستهانة بالوطن ومكوناته، لقد آن الأوان لتصحيح أخطاء الماضي فالتهاون والفرص منحت الآخر اعتقادات أن النصر حليفهم وأهدافهم الطامعة على وشك أن ترى النور.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية