العدد 2802
الخميس 16 يونيو 2016
banner
مجالس رمضان مدارس للثقافة والترابط الاجتماعي
الخميس 16 يونيو 2016

أهمية المجالس الرمضانية اضافة الى كونها مجالس للذكر الحكيم فإنّ فيها الكثير من النبل والكثير من الاهداف الاجتماعية والخيرية. فأبناء البحرين ومنذ ازمان سحيقة جبلوا على التزاور والتقارب والتصافح بعفويتهم وطيبتهم المعتادة. لم تعد المجالس مجرد زيارات عابرة بين الاخوة وأبناء الحي بل انها اليوم تجسد اواصر الاخوة والمحبة.
 يروي ابناء الجيل السابق انّ مجالسهم الرمضانية كانت مجالس للتربية والتعليم والإصلاح الاجتماعي وتستكمل دورها بالتثقيف في العديد من النواحي التاريخية والدينية والاخلاقية. ويبقى الجدل قائما بين الاجيال حول ما تنهض به المجالس قديما وحديثا. فالسابقون يؤكدون انّ عصرهم كان الافضل بنظرتهم التي تتجاوز الاعراق والانتماءات الضيقة أما اليوم فإنّها باتت اسيرة للعصر، ولم يعد احد يحرص على زرع القيم التربوية والاخلاقية وهذه معضلة كبيرة!
لعل أجمل ما في المجالس الرمضانية أنها لم تعد مجرد ملتقيات يومية أو أسبوعية تقليدية كما كانت منذ سنوات بل أضحت اليوم اشبه بالمنتديات الثقافية والفكرية التي يتم تناول القضايا والمستجدات فيها عن كل مناحي الحياة اليومية.
 ولا يزال الكثير من ابناء البحرين يتذكرون كيف كانت اغلبية العوائل البحرينية تحرص على الالتقاء لتلاوة القرآن الكريم كل ليلة. ومن العادات الجميلة انّ كل افراد العائلة يحضرون كبارا وصغارا المجالس امّا لتلاوة القرآن أو الانصات والتأمل. والأكثر غرابة انّ الجميع ملتزم بالآداب التي يحث عليها القرآن بعدم الحديث كما هو سائد اليوم بانصراف الاكثرية من الحضور بالأجهزة الالكترونية.
 ونظرا لانشغالات الكثيرين بات متعذرا على الاغلبية منهم الالتقاء، والمجالس الرمضانية الوسيلة الافضل لتعزيز التواصل وتجذير العلاقات الاسرية والاخوية. ويحرص اصحاب المجالس الرمضانية على الحفاظ عليها بوصفها انجع وأجدى وسيلة لنقل القيم الاسلامية والاجتماعية الى الاجيال القادمة.
 ربما الملفت لدى الكثيرين انّ العقود الأخيرة شهدت عادات اجتماعية جديدة وإيجابية بلا شك تتمثل في ان التواصل لم يعد مقتصرا على ابناء العائلة الواحدة بل اصبح بين مختلف الاطياف والطبقات وتحولت بعض المجالس الى منتديات ثقافية تناقش فيها الاحداث الاقتصادية والامور المعيشية، كمنطلق لطرح البرامج الانتخابية إذا تزامنت مع شهر رمضان المبارك.
لا يختلف احد في انّ المجالس الرمضانية اضافة الى ما تمت الاشارة اليه فإنها تجمع القلوب وتعزز اللحمة الوطنية وأفضل وسيلة لتوثيق عرى المحبة والتآلف بين كل الأفراد. ويلاحظ مرتادو المجالس الرمضانية ما تخلقه وتجذره من اثر نفسي رائع وفرصة للتخلص مما يكدر النفس من هموم. اذ انّ الجميع بات مقتنعا انّ الانسان كائن اجتماعي ليس بمقدوره العيش خارج المنظومة الانسانية والتحاور مع الآخر هو افضل وسيلة على الاطلاق.
 يعد الالتقاء بالمسؤولين في المجالس وجها لوجه ظاهرة ايجابية اذ انه بإمكان المواطن التعبير عن همومه وقضاياه الى المسؤول مباشرة وعلى اثرها يمكن لأصحاب القرار اتخاذ الإجراءات. وهذا الدور للمجالس كان مفتقدا في الماضي. الكثير من المجالس اصبحت شبيهة بالمدارس بما تنهض به من ادوار انسانية واجتماعية. ولعل الجميع يدرك انها تنقل العادات والتقاليد من جيل الى آخر وهذا بدوره ينقلها للجيل التالي.
 وانطلاقا من قناعة الجميع بإسهام المجالس في تقوية التماسك الاجتماعي وإحياء التقاليد فقد حرص عدد كبير من ابناء القرى والمدن على فتح مجالسهم. ويجد البعض في التردد على المجالس فرصة لمصافحة الآخر وإزالة الخلافات ممن ساءت بينهم العلاقة انطلاقا من ان شهر رمضان افضل فرصة لإذابة ما تراكم من خلافات بين الإخوة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .