العدد 2788
الخميس 02 يونيو 2016
banner
عالم مجنون د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
الدراما الخليجية بين الواقع والخيال
الخميس 02 يونيو 2016

يقال إن العاقل عندما يصادف مشكلة يحلها، والحكيم يتفادى حصول المشاكل، والساذج  يخلق مشكلة ولا يعرف كيف يحلها، عندما نتحدث عن الدراما التلفزيونية الخليجية التي يزدهر سوقها في شهر رمضان المبارك فإنه حديث مليء بالشجون والألم فهذه الدراما للأسف تعيش في واد والشعوب الخليجية في واد آخر، ومن يتابعها يحس انها تتكلم عن اشخاص من كوكب آخر وليس عن أناس عاديين يفترض ان نراهم حولنا كل يوم.
فالدراما الخليجية غالبا ما تبالغ بشكل غير طبيعي عن الشخصيات فتصور الشرير وكأنه شيطان بينما الخير وكأنه ملاك وغالبا ما تصور مؤامرات تحاك في البيوت وبين الأهل وكأن هذه العوائل هي اجهزة استخبارات عالمية في التخطيط والتنفيذ وترى ربة بيت تقود مؤامرة ضد ضرتها أو زوجة ابنها بحرفية ومهارة تجعلك تعتقد انها من الافضل لو مثلت الدور الرئيسي في افلام جيمس بوند الجاسوسية بدلا من هذه الدراما العائلية.
عندما نتابع هذه الدراما سنجدها غالبا تركز على الادمان أو الطلاق أو الحب الممنوع أو الميراث وغير ذلك من المشكلات الموجودة ولكن ليس بذلك الشكل المبالغ فيه وكأن الناظر ليحسب ان هناك مدمنا أو اكثر في كل بيت خليجي.
ومع الأسف يمكن القول إن الدراما الخليجية اساءت بشكل كبير الى صورة الانسان الخليجي فهي دوما تصوره على انه ثري يسكن في قصر والزوجة لا تفكر سوى في الحفلات بينما الابن مدمن مخدرات ثم يتحول الى متطرف ديني وغير ذلك من الخزعبلات، ناسية ومتناسية السواعد الكادحة في كل دول الخليج العربي والشباب المثقف الواعي الذي يسعى لتطوير نفسه وبلده عبر تحصيل العلم والعمل في كل القطاعات الانتاجية والادارية.
ان الازمة الاصلية تكمن في النصوص، اذ ان الدراما قوامها القصة والسيناريو ومن ثم يكون الاخراج والممثلون، فمهما كان المخرج بارعا والممثلون محترفين فلن ينجح العمل اذا كان النص ضعيفا وتكراريا وعبارة عن حوارات طويلة مملة ويفتقد الى الحبكة الدرامية المتقنة التي تشد المشاهد اليها.
إذا اردنا تطوير الدراما الخليجية فيجب انقتاء النصوص وتشجيع الكتاب والأدباء على صياغة نصوص احترافية للدراما وتخصيص دورات في كتابة السيناريو والحوار لهم كي يكون هناك رافد دائم بكل جديد من النصوص لانتاج الدراما وإلا اصبحت الدراما الخليجية تكرارية أولا لأن نفس الاشخص هم من يكتبون النصوص مرة بعد مرة وغير احترافية ثانيا لأن الكثير ممن لا خبرة لهم بالدراما يخوضون معترك هذا العمل والنتيجة تكون دراما مملة ومزعجة.
لست هنا بصدد الانتقاص لا قدر الله من جهود الكادر الفني الخليجي من مخرجين وممثلين وتقنيين ولكن نتمنى ان نرى دراما خليجية تلامس الواقع بشفافية متزنة وتسعى لحل المشكلات الموجودة وليس خلق مشكلات وهمية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية