+A
A-

المبادئ لا تتغير!

قرأت قصة دار حوارها بين رجل وحكيم بمحاولته انقاذ العقرب رغم الم لسعه ، و مع ذلك صبر وأنقذ العقرب من الهلاك. القصة واضحة ولها مغزى جميل ودرس تطبيقي عملي بعيداً عن الثرثرة بالأفعال لا بالأقوال. يقول راوي القصة : جلس عجوز حكيم على ضفة نهر .. وراح يتأمل في الجمال المحيط به ويتمتم بكلمات .. فجأة لمح عقرباً وقد وقع في الماء .. وأخذ يتخبط محاولاً أن ينقذ نفسه من الغرق ؟! قرر الرجل أن ينقذه .. مدّ له يده فلسعه العقرب .. سحب الرجل يده صارخاً من شدّة الألم .. ولكن لم تمض سوى دقيقة واحدة حتى مدّ يده ثانية لينقذه .. فلسعه العقرب .. سحب يده مرة أخرى صارخاً من شدة الألم .. وبعد دقيقة راح يحاول للمرة الثالثة .. على مقربة منه كان يجلس رجل آخر ويراقب ما يحدث .. فصرخ الرجل : أيها الحكيم ، لم تتعظ من المرة الأولى ولا من المرة الثانية .. وها أنت تحاول إنقاذه للمرة الثالثة؟! لم يأبه الحكيم لتوبيخ الرجل .. وظل يحاول حتى نجح في إنقاذ العقرب .. بعد أنقاد العقرب مشى الحكيم باتجاه ذلك الرجل وربت على كتفه قائلاً : يا بني .. من طبع العقرب أن “ يلسع “ ومن طبعي أن “ أُحب واعطف “ ، فلماذا تريدني أن أسمح لطبعه أن يتغلب على طبعي.
أن المبادئ لا تتغير مهما تغير الزمان والمكان ، والموجودين حولك ، فطباعك الجميلة وأخلاقك الراقية ومبادئك الثابتة ، هي كما هي في كل موقف تبقى ثابتة لا تتزحزح عليها قيد انملة ، حتى لو خالفك الناس ، ووقف ضدك العالم ، فصاحب المبدأ لن يغير مبادئه ويتغير بمجرد أن اصطدم بالواقع المرير ، أو بكثرة المخالفين ، أو بتغير الزمان والمكان. ولنا في رسول الله قدوة حسنة يوم أن جاء كفار قريش مع عمه أبو طالب مقدمين له العرض الذي ربما لو كان أحدنا مكانه عليه الصلاة والسلام لسال لعابه من العرض المغري الذي سيجعله ملك وصاحب جاه ومال ومتزوج بأجمل النساء. مساكين كفار قريش اجتمعوا وتشاورا وتباحثوا عن عرض يجعله صلى الله عليه وسلم يرجع عن دعوته فأتوا إليه مقدمين له عرضاً يفوق الخيال “ الملك والجاه والمال والزواج بأفضل بناتهم ، مقابل أن يتخلى عن دعوته ودينه ومبادئه وبوابته.
فقال صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة يا عم : ( والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما
تركته حتى أن أهلك دونه ).
ومضة :
المبادئ لا تتغير الا مع الانسان ضعيف الشخصية الذي يلهث وراء نفسه وشهواته وملذاته ، فمن الممكن في لحظة أن يبيع مبادئه أو مبدأ واحداً منها حتى يحقق ما يريد ، والمبادئ هي نفس المبادئ باختلاف العصور والأزمنة والأمكنة ، ولكن نحن من نتغير ، ولابد أن تكون مبادئنا مرتبطة ارتباطا وثيقاً بتعاليم الدين الاسلامي وكلام رسول رب العالمين ، لأنهما هما الوحيدان لا يتبدلا ولا يتغير أبدا .. فعندما نفكر أحيانا تحت ضغط عواطفنا وواقعنا وكل ما هو محيط بنا .. بالتنازل قليلاً عن مبادئنا أو بتجميدها أو بتحييدها و لو بشكل ظرفي أوفي مكان ضيق متسترين خلف عواطفنا مستنيرين بواقعنا .. إذا فعلنا دلك لمجرد التفكير فقط نكون قد خسرنا مبادئنا وضمائرنا وخسرنا الأمس واليوم والغد وكل شيء.

صالح الريمي