العدد 2171
الأربعاء 24 سبتمبر 2014
banner
اليمن وحرب مــا بعــد الحـــوار أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 24 سبتمبر 2014



خلال جلسات الحوار الوطني السابق الذي جرى عندنا، كان بعض الحاضرين يتحدثون عن حوار اليمن وأفضلية الاقتداء به في جلساتنا الحوارية وكيفية التمثيل أو مستواه دون التطرق إلى عناصر التأثير في ذلك الحوار ولا التدخلات التي جرت ومازالت تجري فيه لتؤثر في الساحة اليمنية، ومع أن حوارنا لم يكن حوارا بالمعنى الدقيق للكلمة ولكنه بوضعيته لم ينتج ما أنتجه الحوار في اليمن والذي نراه حربا تدور في العاصمة بعد أن كان بعيدا عنها في السابق، بل وصل الأمر إلى ما يشبه سقوط العاصمة ذاتها حسب الأنباء الأخيرة.
لم نكن نتمنى أن يصل الحال باليمن السعيد والذي غابت عنه السعادة طويلا، إلى ما نراه اليوم، وفي هذا الوضع الذي هو عليه فإن الحقيقة تكون قد ضاعت، وغدا كل طرف يتحدث عن الوطنية والانتماء لها، السلطة ترى في ما يجري تمردا يقوم به الحوثيون ومن صف معهم، والحوثيون وحلفاؤهم يتحدثون عن مطالب وطنية يغطون بها ما يرمون إليه ويريدون تحقيق تلك المطالب بالقوة المسلحة، مع أنهم يخوضون هذه الحرب منذ سنوات ضد النظام الحالي والنظام السابق ولم نسمع منهم كلمة واحدة حينها عن أمور أو مطالب تدخل في النطاق الوطني، مع أن المطالب التي يجري الحديث عنها الآن لا نرى أنها تأتي عن طريق الدم اليمني الذي سال مؤخرا ومازال يسيل أكثر بكثير مما جرى إبان الثورة الشعبية التي كانت سلمية بحق في مضمونها بالرغم من كم السلاح الهائل في ذلك البلد.
إلا أن المهم والغريب في نفس الوقت في هذا الأمر هو ذلك الصمت الغريب الذي نلحظه من جميع أصحاب المصلحة الحقيقية في استقرار اليمن ماعدا جمهورية إيران التي تتحدث صراحة ودون مواراة عن دعمها لما يقوم به الحوثيون، وتصرح بوقوفها خلفهم بالسلاح الذي يغيب عن الطرف الآخر، ومع إيماننا بعدم صحة ما جرى سابقا في اليمن من انتقال السلطة بتلك الطريقة من علي عبدالله صالح إلى نائبه، إلا أن ذلك لا يعني تأييدنا لما يجري اليوم، فقد كان التدخل على أشده في تلك الأيام لإنقاذ الرئيس السابق أيام الثورة الشعبية ومنع تقديمه للمحاكمة على ما فعله باليمن واليمنيين، وكانت الدول العربية الخليجية في مقدمة الدول التي تضع يدها داخل اليمن، إلا أنها اليوم يسودها الصمت الغريب تجاه ما يحدث وكأنها غير معنية به أو أن ما جرى ويجري لا تأثير له علينا كعرب وخليجيين بصورة خاصة.
عندما تدخلت مصر في اليمن ستينات القرن الماضي كانت عين عبدالناصر، بالإضافة إلى أمور أخرى، على مضيق باب المندب حيث كانت له رؤية بعيدة ترى أن يظل ذلك المضيق في اليد العربية، واليوم يسقط باب المندب، لو استمرت الأمور على ما هي عليه، في يد غير عربية، وتتم محاصرة العربية السعودية وتهديدها من الجنوب إضافة إلى الشمال، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الخوف كبير من دخول اليمن في نفق حرب أهلية في بلد يتمتع شعبه مسبقا بحمل السلاح ومعرفة استخدامه، بل إن عدد قطع السلاح هناك تفوق عدد السكان، فلو حدثت هذه الحرب بعد استيلاء الحوثيين ومن معهم من أتباع علي عبدالله صالح على مقدرات اليمن فإن هذه الحرب قد تكون أشد مما شهدناه في لبنان القرن الماضي وستكون قريبة من دول الخليج العربي الصامتة على ما يحدث.
ثم مجلس الأمن الذي استنفر قواته لمواجهة فيروس إيبولا في أفريقيا وداعش في العراق وسوريا نراه يتجاهل ما يحدث في اليمن وكأن الأمر لا يعنيه أو أن المسيطرين عليه ربما يستهويهم ما يجري إن لم يكونوا داعمين للحرب ومحركين للحدث.
هي بالطبع ثورة مضادة أفقدت الثورة الشعبية زخمها وسلبتها نتائجها التي كان يمكن أن يستفيد منها المواطن العربي في اليمن ولن يكون الفائز مما يحدث الآن هناك غير أعداء الثورة... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية