العدد 2018
الخميس 24 أبريل 2014
banner
هو يعرف نفسه أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الخميس 24 أبريل 2014

الإدارة المتوسطة هي جزء من المنظومة الإدارية للدولة - أية دولة - وهي بهذا المعنى تنهج النهج الإداري المعتمد في هذه الدولة، وأهميتها تكمن بكونها حلقة الوصل بين السياسة والأهداف العامة للدولة وبين العملية التنفيذية لهذه السياسة، فهي تعبير عن كيف تدار الأمور في هذه الدولة، ونحن جزء من هذه المنظومة بطبيعة الحال، ولن نتحدث في هذه العجالة عن فساد إداري تكون المصلحة الذاتية فيه هي المعيار الأكبر والأول للأسلوب الإداري والهدف من هذا الأسلوب، ولكن يمكن تناول جانب آخر يتمثل في سوء الإدارة الساري عندنا في الكثير من المواقع - ولا نقول معظمها بل هي القلة منها وذلك حتى لا نظلم الآخرين من الأغلبية - ولكنها مع ذلك كثيرة بطبيعة الحال.
هناك بعض الأوصاف يمكن رؤيتها في الكثير من المنتمين للإدارة المتوسطة عندنا، وأول هذه الأوصاف هي اختلاط الشخصية بالإدارة، وبمعنى أكثر وضوحا شخصنة المنصب، وبالتالي كيفية إدارته بصورة لا علاقة لها بالأهداف الإدارية المطلوبة بل لتحقيق رغبات ذاتية تكمن بداخل من يحتل المنصب، وفي هذه الحالة لا يستطيع المسؤول التمييز بين ذاته كإنسان ومنصبه كمسؤول فيخلط بين الاثنين في تعامله مع الموظفين التابعين له، وبمعنى أكثر وضوحا، نجد علاقته بموظفيه وكأنهم تابعين له وليسوا موظفين في الجهة التي يعملون معه بها.
في هذه الحالة تكون الإدارة مزاجية أكثر منها عملية، وتقوم على مزاج المسؤول الذي يسيرها تبعا لما في داخله كفرد وإنسان وليس كمسؤول في تجسيد عملي لمقولة لويس ملك فرنسا “أنا الدولة والدولة أنا” أي أنا المنصب والمنصب أنا في حالتنا هذه.
وثاني هذه الأوصاف وربما تكون شاملة للمستويات المختلفة هي عدم تقبل الرأي الآخر، وكأن ما أحمله من رأي هو الصواب بعينه بل هو الوحيد، ما يعني عدم وجود مجال للتحاور بين الجميع وعدم إتاحة الفرصة للباقين للتعبير عن رأيهم في القضايا المطروحة مع أنهم أكثر قربا للواقع العملي وأكثر فهما من أولئك الجالسين خلف الكراسي، وهو ما يؤدي إلى جانب سيئ آخر في الإدارة وهو تقريب المنافقين الذي لا يعرفون غير نعم وحاضر حتى في الأخطاء ومنحهم المزايا الممنوعة عن غيرهم حتى لو كانوا من غير المستحقين لها.
هذه النوعية من المسؤولين قد تغيب عنهم الكثير من أهداف العمل والتي تكون في جانب منها في أن الإدارة ليست تسير العمل اليومي فقط، ولكنها إضافة لذلك تعني إدارة حاضر من أجل مستقبل، بمعنى أن الإدارة ليست فقط لما هو أمامنا بل كذلك لما يجب - وليس ما نريد - أن يكون في المستقبل، حاضر ممتد للمستقبل... مستقبل يقوم على الحاضر... ومستقبل يبدأ بداية جديدة منفصلة، فهناك تخطيط لهذا المستقبل منفصل عما نحن عليه، ومعه مستقبل يقوم على ما نحن عليه، والنوعية التي نتحدث عنها في هذه الزاوية غير معنية بالمستقبل العام بقدر ما تعمل من أجل المستقبل الخاص، فهي ترى العام في الخاص ولا تستطيع التمييز بين الاثنين لأن “الأنا” تطغى بداخلهم وتتفوق على المجموع.
حتى ولو كانت هذه النوعية تمثل قلة كما قلنا في البداية، ولكن تأثيرها أكبر من حجمها وعددها على العمل، خصوصا إذا كانت موجودة في مجالات لها علاقة مباشرة بالناس.. وقد يسأل سائل عن المقصود أو المقصودين بما قلنا، فنقول “اللي على رأسه ريشه يعرف نفسه”... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية