العدد 1890
الثلاثاء 17 ديسمبر 2013
banner
الغائبون في احتفالات اليوم الوطني أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الثلاثاء 17 ديسمبر 2013

  لا أظن أن هناك دولة على وجه الأرض لا تحتفل بيوم سنوي باسم اليوم الوطني مهما كانت مناسبة ذلك اليوم، وهل هو يوم استقلال من استعمار أو يوم تحرير أرض من احتلال أو يوم من نوع آخر، لا يهم، المهم هو وجود يوم تتكاتف فيه الناس جميعا وتتوافق على مناسبة واحد تتجاهل فيها كل المنغصات والخلافات، وتتوحد على أمر واحد هو الوطن قبل كل شيء وبعد كل شيء. هذا ما نعرفه ونظن أن الجميع يعرفه ويتفق عليه.
والاحتفال باليوم الوطني لا يقتصر على الزينة فقط وإن كانت الزينة تعبير عن فرح واحتفال، وهي أمر مطلوب على كل الأحوال، ولكنه ليس الوحيد في هذا المجال، ومع ذلك نجد بيننا من لا يرى في الاحتفال أمرا طبيعيا أو مطلوبا أو مهما، وهو حر في ذلك، ولكنه يعني أنه لا يؤمن بالانتماء للوطن ويرى في كلمة الانتماء معنى آخر غير الذي يعرفه الجميع.
نحن لسنا بلد تحت احتلال يتحكم المحتل في أمورنا ويحدد لنا ما يتوافق ومصالحه ويخدم أهدافه، ولكننا في بلد مستقل يحدد بملء إرادته ما يريد وما يخدم مستقبله بالرغم مما به من اختلافات في الرؤى والفهم لذلك المستقبل وما يجب أن يكون عليه، ولكننا أولا وأخيرا مواطنون بحرينيون عرب من المهم أن يكون لنا مستقبل واحد نتوافق عليه ونساهم في رسمه وتشكيله بما يكون في صالح الأجيال القادمة من أبناء وأحفاد وما بعدهم، لذلك من المهم أن يكون الانتماء والمواطنة من أهم الأمور التي لا خلاف عليها، ومنها اليوم الوطني والعلم الوطني.
واليوم الوطني في أي مكان لا يعني الاحتفال به وضع الزينة في كل مكان؛ لأن الزينة جزء وليس كل، وهي شكل وليست موضوع ومعها من المفترض أن تكون هناك أمور أخرى فيها تعبير وفهم للوطن والمواطنة والانتماء وربط المواطن أكثر وأكثر بالوطن وتحمل هذه الفعاليات في الوقت نفسه معاني الاحتفال باليوم الوطني حالها حال الزينات التي يجب أن تكون في كل مكان.
من المهم أن يصاحب الاحتفال باليوم الوطني فعاليات مختلفة ثقافية وسياسية وإعلامية واجتماعية تصب جميعها في الوطن والمواطن ومصلحتهما، والتي منها على سبيل المثال لا الحصر العفو الذي يتم عن بعض المحكومين، وهذه الفعاليات لا تكون فقط من جانب الدولة والنظام، وهي مهمة، ولكن معها الآخرون من الفعاليات الاقتصادية الغائبة عن هذه المناسبة والتي لا تعرف غير وضع أعلام على بعض المباني وتركيب بعض المصابيح الحمراء والبيضاء التي تستهلك من الطاقة الكثير.
جميل أن يصاحب الاحتفال باليوم الوطني افتتاح بعض المشاريع الحيوية أو وضع حجر الأساس لمشاريع أخرى وجميل أن يصاحب الاحتفال كذلك بعض القرارات المهمة والخاصة بالمواطن، والتي تصب في اتجاه التخفيف عليه ورفع مستواه المعيشي اجتماعيا واقتصاديا، والأجمل أن يكون الجميع مساهمين في هذا اليوم كل في مجاله وكل حسب طاقته ومعرفته ومجاله، وهو ما يعني ألا يكون هذا اليوم مقصورا على فئة دون أخرى وبشر دون بشر آخرين.
اليوم الوطني لا علاقة له بالأشخاص أيا كانوا ولا علاقة له بأفعال البعض دون البعض الآخر، فاليوم الوطني له علاقة أو يجب أن تكون علاقته خاصة بالوطن كوطن، وطن الجميع الكبير والصغير، الوزير والغفير كما يقولون، الجميع بلا استثناء، ومع ذلك نجد بيننا من عليه واجب المساهمة في الاحتفال، ولكنه غير موجود لأسباب لا يعلمها إلا الله كما يقال. والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية